[ما هي الأرواح؟ وكيف يميت الله الأجسام ولا يميت الأرواح؟]
  النفخة الأولى للهلكة والوفاة، وكانت النفخة الأخرى للنشور والحياة، قال الله تبارك وتعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ٦٨}[الزمر].
  فأخبر سبحانه أن النفخ على المعنيين، وأن له حالين مختلفين؛ إذ كان حال الأولى ما أوجبه الله من حال الهلاك والانقضاء، وحال النفخة الأخرى ما جعل الله فيها وبها في(١) حال الحياة بعد الفناء، فافهم ما قلنا، واعرف من ذلك ما شرحنا، من شرح النفخ ومعناه، وأنه ما واقع الصور الأولى والأخرى(٢) من مراد الله وفعله، وما حكم به سبحانه في خلقه.
[ما هي الأرواح؟ وكيف يميت الله الأجسام ولا يميت الأرواح؟]
  وسألت عن الأرواح فقلت: ما هي؟ وكيف هي؟ وقلت: كيف يميت الله الجسم ولا يميت الروح والله عدل لا يجور؟
  فكذلك الله سبحانه عدل في فعله، حكيم في صنعه، لا يجور على أحد من خلقه، فأما ما قلت وسألت عنه من صفة الروح وتفسيره فالروح: شيء خلقه الله قواماً للأبدان، وحياة للإنسان، به تعمل الجوارح المجعولات، وتتصرف الاستطاعة المخلوقة، تعدم الجوارح الاستطاعة بعدمه، وتثبت فيها استطاعتها بوجوده، شيء خلقه الله وصوره، وجعله بحكمته وافتطره؛ لحياة الأبدان والأعضاء، ويعيش به ما جعل الله في الأبدان من الأشياء، به تبصر الأعين المبصرة، وبه تسمع الآذان السامعة، وبه تنطق الألسن وتشم الأنف، وتبطش اليدان، ويميز القلب، وتمشي الرجلان، جعله الله قواماً لما حوت الأبدان، ودليلاً على قدرة الرحمن.
(١) في (أ، ب، هـ): من.
(٢) في (ب، هـ): أولاً وآخراً.