[ما هي الأرواح؟ وكيف يميت الله الأجسام ولا يميت الأرواح؟]
  [فهذه صفة الروح ونعته، وبيان ما عنه سألت منه وشرحه](١)، ضعيف محدود، تضمه الأبدان المؤلفة، وتجمعه الأعضاء المتفرقة ويحويه الجسم ويحده، مخلوق مجعول، وكائن بتدبير الله مفعول، فهذا [صفة](٢) الروح وبيان ما عنه سألت وشرحه.
  فإن قلت: انعته لي بصفة غير هذه [الصفة](٣) أقف عليه بها، من لون وطول وعرض وغير ذلك من الصفات؟
  قلنا لك وأجبناك: بأن الذي ذكرت محجوب عنا، استثأر الله بعلمه، وأبى أن يطلع أحداً على قدرته، فقال لمن سأل نبيئه عما سألت من الروح وتقديره، وصفته بغير ما وصفناه: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}[الإسراء: ٨٥]، فلم ينبئه # ولا إياهم في علم الروح وصفته على غير ما ذكرناه من نعته، وقال: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} يقول: من فعل ربي وتدبيره وخلقه وصنعه، والشاهد له بالحكمة، ولم يصف الروح بغير ما وصفنا، ولم يستدل عليه بغير ما دللنا(٤).
  وليس في نعت ذلك لأحد حجة، ولا لأحد إلى علم كيفيته حاجة، وليس عزوب علم ذلك على الآدميين إلا كعزوب علم غيره من الأشياء مثل معرفة صورة ملك الموت، وصورة مالك خازن النار، وصورة إبليس وجنده، فهم خلق من خلق الله، قد اطلع على تكوينهم وتقديرهم شكلهم ومثلهم من الملائكة والشياطين، وحجب علم ما علمتْهُ أشكالهُم(٥) من تصويرهم
(١) ما بين المعقوفين سقط من (هـ).
(٢) ساقط من (أ، د).
(٣) زيادة من (ب، هـ)
(٤) في (ب): استدللنا.
(٥) يعني: أن الشياطين والملائكة يعلمون من أشكالهم ما لا يعلمه الآدميون.