مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[من أي شيء خلقت الملائكة؟ ومم خلقت الشياطين؟]

صفحة 673 - الجزء 1

  وتشتيت⁣(⁣١) أصنافها كانت منه في يقظة لا نوم فيها، واستحال عندنا قول من قال بهذا الثاني كما استحال قول من قال بالقول الأول، ولم نجد باباً أصح ولا أثبت ولا أقوى ولا أجدر أن لا يكسره أحد أبداً مما قلنا من مداناة الشكل لشكله، وقوة الشبه لشبهه⁣(⁣٢)، ووجدنا ثابتاً عند أهل العقل لا ينكره ولا يجحده من⁣(⁣٣) وهب لباً وفطنة وفهماً.

[من أي شيء خلقت الملائكة؟ ومم خلقت الشياطين؟]

  وسألت فقلت: من أي شيء خلقت الملائكة؟ ومن أي شيء خلقت الشياطين؟

  الجواب في ذلك: أن الملائكة فيما سمعنا وبلغنا - والله أعلم وأحكم - خلقت من الريح والهواء. وأما الشياطين فخلقت مما قال الله وحكى من مارج من نار. والمارج فهو: خالص لهب النار، والذي هو يمرج من لهبها، ويتقطع في الهواء منها عند ارتفاع اللهب وعلوه فيذهب في الهواء قطعاً قطعاً، وينفصل من⁣(⁣٤) اللهب تفصلاً⁣(⁣٥) يستبان ذلك ويعرف عند تأجج النار وتوقدها، وعظمها وارتفاع لهبها، فعند ارتفاع اللهب وعلوه يخلص خالصه ويمرج مارجه، ويتقطع المارج من اللهب وينفصل مارج النار من لهبها، ويذهب في الهواء متقطعاً، وذلك فهو مارج النار الذي ذكر الرحمن أنه خلق منه الجان.

  والجان فهي⁣(⁣٦): الجن، والجن فهي الشياطين، وإنما سميت جناً وجاناً؛ لاستجنانها عن أبصار الآدميين، واستجنانها فهو غيبتها، فلما كانت بغيبتها


(١) في (أ): وتشتت.

(٢) في (ب): الشبيه لشبيهه. وفي (ج، هـ): الشبيه بشبيهه. وفي (أ): الشبه لشبيهه.

(٣) في (ج): لا يجحده أحد ممن وهب ... إلخ.

(٤) في (ب، هـ): في.

(٥) في (ب، هـ): ويتفصل في اللهب تفصيلاً.

(٦) في (ب، ج، هـ): فهو.