مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[من أين يلزم أهل القبلة الكفر؟]

صفحة 677 - الجزء 1

  إلا كافراً، ولا والى إلا مؤمناً.

  فلما أن قتلهم بحكمه، ومثل بهم سبحانه بأمره، علمنا أنهم من الموالاة أبرياء، وأنهم له بأحق الحقائق أعداء، وأنه لن⁣(⁣١) يعادي سبحانه مؤمناً تقياً، ولن يباين بالمحاربة له عبداً زكياً.

  فصح عندنا بإباحة الله لدمائهم، وافتراضه ما افترض على المؤمنين من جهادهم أنهم على غير ما ارتضى، وأن فعلهم على خلاف ما أحب⁣(⁣٢) وشاء.

  ومن كان فعله على خلاف إرادة الله فليس من المؤمنين، ومن كان اختياره غير ما اختار الله فليس من المتقين، ومن ترك فرائض الله وسعى في ضدها من حرام الله فليس من المهتدين، ومن كان كذلك فهو لله من العاصين، ومن عصى الله وفسق في دينه، وخالف أمره في نفسه أو غيره، فلم يحكم في فعله بحكم الله، ومن لم يحكم بما أنزل الله فهو من الكافرين، وفي ذلك ما يقول أحكم الحاكمين فيما نزل من الكتاب المبين: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ٤٤}⁣[المائدة]، فأخبر سبحانه بالدلالة على الكافرين، ووصفهم بالعدول عن شرائع الدين، ومن عدل عن شرائع الدين ولم يحكم في فعله بحكم رب العالمين، فهو في حكم الله عنده من الكافرين، لا يسميه ذو عقل وبيان فيما أتى به من المعاندة لحكم الله من العصيان إلا بما سماه الله سبحانه من الكفران.

  ومن الحجة في ذلك: أنا لم نجد أصل الكفر والشرك - من عبادة الأوثان، وعبادة الشيطان، وعبادة النجوم، والأنصاب والنيران، والدعاء مع الله إلهاً آخر - غير المعصية، بل وجدنا هذه الأنواع كلها [هي]⁣(⁣٣) من المعصية لله سبحانه فيما صح عندنا أن من عبد من دون الله غيره أنه لم يعبده إلا بمعصية الله سبحانه؛


(١) في (ب، هـ): لا.

(٢) في (ج، هـ، و): أوجب.

(٣) زيادة من (هـ).