[إقامة الحق على من لم يشمله عطاء الإمام ولم يستمع العلم]
  الكسوة والعطاء يوجبان حجة، والحدود ماضية على من لم ينل ذلك منا من بعد ما ذكرنا من التفهيم له، والهداية إلى الحلال والحرام والتوقيف، ولسنا ندفع عنه بعد تعريفه ما يجب عليه في(١) الآداب - حدودَ الله ببطء ما يؤمل منا من الرفد في كل الأسباب؛ لأن الرفد وإن أبطأ مصيره إليه لا يدفع عنه حداً، إن وجب في حكم الله عليه.
  وكيف يندفع عنه حكم الله الجاري عليه على يدي الإمام في أمر(٢) يلزمه الحكم عليه في الآخرة عند ذي الجلال والإكرام، والمعنيان كلاهما من الله حكم لازم على الفاعل؟ فكيف يلزم الله عبداً من عباده على فعل من أفعاله حكماً حكم به عليه، وجعله واجباً بفعله عليه في دار الآخرة الباقية، ويزيله عنه في دار الدنيا الفانية؟ فهذا ما لا يكون ولا يصح في العقول، بل كل ما كان عليه العبد من الفعل معاقباً في الآخرة فعقوبة الله [له](٣) عليه في الدنيا لازمة، وما سقطت عقوبة الله عنه فيه في الآخرة كانت عقوبته ساقطة عن فاعله في الدنيا.
  ألا ترى كيف أزحنا عن الجاهل بالحلال والحرام ومن لم يعرف ما تجري عليه فيه الحدود من الفعال العقوبةَ في الدنيا بتركنا له وطرحنا عنه ما ألزمناه غيره ممن فهم أمرنا، ووقف على ما يلزم فيه أدبنا، وتجب به عليه حدود ربنا.
  وإنما طرحنا ذلك عنه ولم نحكم به فيه لأن الله سبحانه أسقط عمن كان كذلك عقوبة الآخرة، فلما سقطت عنه عقوبة الله في الآخرة زالت عنه في الدنيا عقوبة الأئمة. فافهم الفرق بين المعنيين، وقف بصافي فكرك ولبك على الحالين.
  فأما ما يذكر عن جدي ~ محمد بن إبراهيم القائم بالكوفة، الذي
(١) في (ب، هـ): فيه. وهو الصواب.
(٢) في (ب، هـ): أمر ما.
(٣) ساقط من (ب، هـ).