[أقسام الهدى من الله]
  على يدي هذا الظالم، فإذا كانت معرفتهم هذه المعرفة، وكان معبودهم الذي يزعمون أنهم يعبدونه هذا فعله بهم، فمتى يصل هؤلاء إلى معرفة الخالق، ومتى يدعونه ويستعينون به على [دفع(١)] ظالمهم؟ إنما هم يدعون هذا الذي يزعمون أنه قضى عليهم بهذا الظلم وقدره، ولهذا يُصَلُّون، وله يصومون ويحجون، وبه في جميع ما ينزل بهم من الظلم والجور والمصائب في المال والولد والبدن، يستغيثون به على دفع هذه المضار والبلوى التي نزلت بهم، فهم يعبدون صورة مصورة، وعلى هذا النحو أسلمهم ربهم، وتركهم من التوفيق والتسديد، وخذلهم ولم ينصرهم على ظالمهم، وكيف ينصرهم على ظالمهم وهو المقدر لهذا الظلم عليهم الذي نزل بهم؟ فهو الذي يدعونه بزعمهم.
  أما إنهم لو أنصفوا عقولهم، وعرفوا الله ø حق معرفته، ونفوا عنه ظلم عباده، كما نفاه ø عن نفسه، ثم أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، ودعوا ربهم حينئذ على ظالمهم؛ إذاً لاستجاب لهم دعوتهم، وكشف ما بهم من الظلم والجور، وذلك قوله ø: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر: ٦٠]، وقال: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ٤٧}[الروم]، {كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ ١٠٣}[يونس].
[مباحث عدة في أصول الدين وغيرها]
[أقسام الهدى من الله]
  قال يحيى بن الحسين ~: الهدى من الله ø هديان: هدى مبتدأ، وهدى مكافأة، فأما الهدى المبتدأ: فقد هدى الله به البر والفاجر، وهو العقل والرسول والكتاب، فمن أنصف عقله وصدق رسوله وآمن بكتابه وحلل حلاله وحرم حرامه؛ استوجب من الله الزيادة بالهدى الثاني؛ جزاء على عمله، ومكافأة على فعله، كما قال ø: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ١٧}[محمد]، [وقال: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى}[مريم: ٧٦](٢)].
(١) زيادة من (ب).
(٢) غير موجودة في (ب).