مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[متى يعلم العبد أنه قد استوجب الجنة؟]

صفحة 690 - الجزء 1

  ومن رياضتها: تذكيرها هول⁣(⁣١) الوقوف في يوم الحشر، وما في كتاب الله من وصف حال يوم النشر.

  فهذا وما كان متفرعاً من الأصلين فهو رياضة النفس وتوقيفها، وردها إلى الحق وتعريفها، وأصل ذلك كله وفرعه والذي هو عون لصاحبه على نفسه، فهو إخلاص النية إلى ربه، والاستعانة به على نفسه، فإن من خلصت له نيته وصلحت له علانيته أصلح الله له سريرته، وقواه على إرادته بالتوفيق والتسديد والمعونة والتأييد؛ لأنه إذا كان منه ما ذكرنا من إخلاص النية والإرادة، والإقبال إلى الله والتوبة، فقد اهتدى، وإذا اهتدى فقد قبله الله سبحانه فزاده هدى، ومن زاده هدى فقد أوجب⁣(⁣٢) له الحياطة في كل معنى، ومن حاطه الله وهداه فقد أعانه على طاعته وتقواه.

[متى يعلم العبد أنه مجتهد في رضا الله؟]

  وسألت فقلت: متى يعلم العبد أنه مجتهد في رضا الله؟

  فالجواب: أنه لا يعلم بحقيقة العلم أنه مجتهد لله فيما يرضيه حتى يعلم أبداً أنه لا يعصيه، فإذا وثق من نفسه أنه لا يأتي لله معصية، ولا يترك له فريضة، فعند علمه بذلك من نفسه يعلم أنه مجتهد في رضا ربه؛ فعلمه باجتهاده في رضا ربه تابع لعلمه بالائتمار بأمره والانتهاء عن نهيه، وعلى قدر ما يكون الائتمار من العبد بأمره والانتهاء عن نهيه يكون الاجتهاد منه في رضا خالقه.

[متى يعلم العبد أنه قد استوجب الجنة؟]

  وسألت فقلت: متى يعلم العبد أنه قد استوجب الجنة من الله سبحانه؟

  الجواب في ذلك: إذا علم بحقيقة العلم أنه قد أخلص التوبة النصوح إلى الله، وأنه لا يدخل في معصية من معاصي الله، وأنه لا يدع شيئاً من فرض الله، ثم علم


(١) في (ب، هـ): تذكرها لأهوال.

(٢) في (ب، ج، هـ، و): وجب.