[من هم أهل الأعراف؟ ومعنى: يعرفون كلا بسيماهم]
  فيكون أولاهم(١) بالإمامة - وإن اشتبهوا في العلم والورع والمعرفة - أجودهم شرحاً وتبييناً، وأهداهم إلى تفهيم الرعية ما تحتاج إليه، وما لا غنى بها عنه ولا عذر لها فيه.
  فمن كان له الفضل في شيء مما ذكرنا كان أحق الجماعة بالإمامة من ربنا. فافهم ما قلنا، وتبين في مسألتك ما شرحنا.
[من هم أهل الأعراف؟ ومعنى: يعرفون كلاً بسيماهم]
  وسألت عن قول الله سبحانه: {وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ}[الأعراف: ٤٦]؟
  الجواب في ذلك: أن الأعراف هو ما ارتفع من الأرض وعلا وشمخ منها في الهواء، فتلك أعراف الأرض. والرجال التي عليها في يوم الدين فقد قيل: إنها رجال من المؤمنين، وقيل: إنها الحفظة التي كانت من الملائكة المقربين، حفظة في الدنيا على العالمين التي قال الله في كتابه وذكرهم وما بيّن(٢) من حفظهم لمن كان من الخلق معهم حين يقول: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ١٧ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ١٨}[ق]، وهذا فأشبه المعنيين عندي والله أعلم وأحكم.
  ومعنى: {يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ} فهو معرفة أولئك الحفظة لمن كانوا يحفظون. ومعنى «يعرفون» فهو: يتعرفون ويتفهمون حتى يوقنوا بهم ويعرفوهم، ويقفوا عليهم ويثبتوهم معرفة. ومعنى «بسيماهم» فهو: بحليتهم التي كانوا يعرفونها في الدنيا، ومعناهم في صفاتهم وخلقهم وبنيتهم المعروفة(٣) من صورهم.
(١) في (هـ، و): أولهم أولاهم. ولعله الصواب ليتوافق مع ما مضى.
(٢) في (ب، ج، هـ): أخبر.
(٣) في (ب، هـ): المعرفة.