مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[رفع اليدين في التكبير في الصلاة]

صفحة 697 - الجزء 1

[رفع اليدين في التكبير في الصلاة]

  وسألت عن رفع اليدين في التكبير؟

  وهذا أمر لا يجيزه في الصلاة علماء آل رسول الله ÷؛ لأن الصلاة إنما هي خشوع وتذلل لذي الجلال والطول، وإرسال اليدين والكف عن رفعهما أكبر في الدين لصاحبهما.

  وقد قيل إن رفع اليدين فعال جاهلي كانت قريش تفعله لآلهتها وأصنامها عند الوقوف تجاهها والسلام منهم عليها، فإن يكن ذلك كذلك - والله أعلم - فلا ينبغي ولا يجوز لمسلم أن يفعل ما يُفعَل للأصنام، مع ما في ذلك من قلة الخشوع لله؛ لأن الصلاة التي فرضها الله فرض معها الخشوع والتذلل، فلما كان ترك رفع اليدين في الصلاة إلى الخشوع أقرب ففعله⁣(⁣١) دون غيره على المصلي لله أوجب.

[تفسير قول الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ}]

  وسألت عن قول الله سبحانه: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ} ... إلى قوله: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}⁣[المزمل: ٢٠]، فقلتَ: إن بعض الناس زعم أن هذا فرض من الله، وقال بعضهم نافلة؟

  واعلم - رحمك الله - أن الله ø لم يعن بما ذكر من الصلاة في أول هذه السورة وآخرها إلا صلاة العتمة المفروضة، فجعل الرخصة فيها لمن كان ذا علة، من مرض أو عرض، أو سفر أو خوف، فجعل هذه الأوقات لمن كان كذلك وقتاً، ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}⁣[المزمل: ٢٠]،


(١) في (ب، هـ، و): كان فعله.