مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[أقسام الهدى من الله]

صفحة 69 - الجزء 1

  ومن كابر عقله وكذب رسوله ورد كتابه استوجب من الله الخذلان، وتركه من التوفيق والتسديد، وأضله وختم على سمعه وقلبه، وجعل على بصره غشاوة، وذلك قوله تبارك وتعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ..} عنى الهدى الثاني، {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ} يقول: ومن يرد أن يوقع اسم الضلال عليه⁣(⁣١)، بعد أن استوجب بفعله القبيح: {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ١٢٥}⁣[الأنعام]، فقد بين ø في آخر الآية أنه لم يضله، ولم يضيق صدره إلا بعد عصيانه وكفره وضلاله؛ لأنه يقول: {كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ١٢٥}، ولم يقل: إنه يجعل الرجس على الذين آمنوا.

  ثم قال: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً}⁣[الجاثية: ٢٣]، [كما⁣(⁣٢)] اتخذ إلهه هواه أوقع عليه اسم الضلال وسماه [به⁣(⁣٣)] ودعاه بعد أن اتخذ إلهه هواه وختم على سمعه⁣(⁣٤)] [وقلبه]⁣(⁣٥)، وتركه من التوفيق والتسديد وخذله، ولم يؤيده ولم يسدده كما أيد وسدد الذي عبده، ø.

  ثم قال: {يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}⁣[النحل: ٩٣]، ثم قال: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ٢٦}⁣[البقرة]، وقال: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ ٧٤}⁣[غافر]، {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ ٣٤}⁣[غافر]، {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ٣٥}⁣[غافر].


(١) في (ب، هـ): عليه الضلال.

(٢) في (ب): لَمّا.

(٣) زيادة من (ب).

(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (هـ).

(٥) زيادة من (ب).