[أقسام الهدى من الله]
  ومن كابر عقله وكذب رسوله ورد كتابه استوجب من الله الخذلان، وتركه من التوفيق والتسديد، وأضله وختم على سمعه وقلبه، وجعل على بصره غشاوة، وذلك قوله تبارك وتعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ..} عنى الهدى الثاني، {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ} يقول: ومن يرد أن يوقع اسم الضلال عليه(١)، بعد أن استوجب بفعله القبيح: {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ١٢٥}[الأنعام]، فقد بين ø في آخر الآية أنه لم يضله، ولم يضيق صدره إلا بعد عصيانه وكفره وضلاله؛ لأنه يقول: {كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ١٢٥}، ولم يقل: إنه يجعل الرجس على الذين آمنوا.
  ثم قال: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً}[الجاثية: ٢٣]، [كما(٢)] اتخذ إلهه هواه أوقع عليه اسم الضلال وسماه [به(٣)] ودعاه بعد أن اتخذ إلهه هواه وختم على سمعه(٤)] [وقلبه](٥)، وتركه من التوفيق والتسديد وخذله، ولم يؤيده ولم يسدده كما أيد وسدد الذي عبده، ø.
  ثم قال: {يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[النحل: ٩٣]، ثم قال: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ٢٦}[البقرة]، وقال: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ ٧٤}[غافر]، {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ ٣٤}[غافر]، {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ٣٥}[غافر].
(١) في (ب، هـ): عليه الضلال.
(٢) في (ب): لَمّا.
(٣) زيادة من (ب).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (هـ).
(٥) زيادة من (ب).