[كيف كانت مصالحة الرسول ÷ لأهل الكتاب؟]
  أو بماء السماء، أو العشر فيما سقي بالسواني(١) أو الدوالي(٢) والخطارات، وفي النقد من الذهب في كل عشرين مثقالاً مثقالاً، وفي مائتي درهم من الفضة عشرة دراهم، نصف العشر من الذهب والفضة، وأضعف عليهم ما يجب على المسلمين من الزكاة المفروضة، وشرط عليهم أن لا يدخلوا أولادهم في شيء من اليهودية ولا النصرانية، وعلى ذلك أعطوا العهد.
  فواجب على أهل الحق إذا أعلى الله كلمتهم أن تسبى نساؤهم وتُقتل رجالهم وتؤخذ أموالهم، إلا أن يدخلوا في الإسلام كلهم فيرى رأيه؛ لأن القرن(٣) الذين كانوا على عهد رسول الله ÷ لم يفوا له بعهده، فانتقضت عهودهم، ووجب ما ذكرنا من الحكم عليهم.
  غير أن الباطل قد شمل وظهر، والمنكر قد علا وقهر، وعطلت الأحكام، ودرس الإسلام، وظهر الفسق، ومات الحق، فإلى(٤) الله في ذلك المفزع والمشتكى، عليه توكلنا وهو العلي الأعلى.
  فأما ما ذكرت من أنهم الذين قال الله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ}[التوبة: ١٢٣]، فغيرهم أولى بهذه الآية منهم من(٥) هو أقرب إلى الإسلام وأضر على دين محمد عليه وآله السلام، من أولئك الكفرة الطغام.
  و {الَّذِينَ يَلُونَكُمْ} فهم: الذين بينكم ومعكم ممن يدعي الإسلام وهو كافر بالله ذي الجلال والإكرام، كاذب فيما يدعيه، ثابت من الكفر فيما هو عليه من جبابرة الظالمين، وفراعنة العاصين الذين قتلوا الدين، وخالفوا رب العالمين،
(١) والسانية: الغرب وأداته، والسانية: الناضحة، وهي الناقة التي يستقى عليها، وفي المثل: سير السواني سفر لا ينقطع.
(٢) الدالية: شيء يتخذ من خوص وخشب يستقى به بحبال تشد في رأس جذع طويل. (لسان العرب).
(٣) في (هـ): القوم.
(٤) في (ب، هـ): وإلى.
(٥) في (ج): (ممن) ولعلها الصواب.