مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الاستعانة بالظالمين]

صفحة 707 - الجزء 1

  الإسلام؛ يكسر حدهم عن المؤمنين، ويصليهم به نار جهنم وبئس المصير، ويجعله عليهم وبالاً في الآخرة، ولهم عذاب أليم، وكذلك كان رسول الله ÷ يفعل بالمنافقين الظالمين، يؤثرهم على من معه من إخوانه المؤمنين، ويكل إخوانه على إيمانهم، من ذلك ما فعل في غنائم حنين فرقها كلها على المؤلفة قلوبهم، ولم يعط المؤمنين منها درهماً واحداً، ولا شاة واحدة، ولا بعيراً [واحداً]⁣(⁣١) - يتألفهم بذلك ويكسر عن المؤمنين شر حدهم، وكذلك كان يفعل بكبراء المشركين إذا كاتبوه وأتوه، يكاتبهم أحسن⁣(⁣٢) المكاتبة، ويفرش لهم ثوبه إذا أتوه يجلسهم عليه؛ نظراً منه للإسلام، ومداراة لهؤلاء الطغام، عن غير موالاة ولا محبة.

[الاستعانة بالظالمين]

  وقال محمد بن عبيدالله: وسألت الهادي ~: هل تجوز الاستعانة بالظالمين، وقلت: ما معنى قول الله سبحانه: {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ٥١}⁣[الكهف]؟

  فقال: أما ما سألت عنه من قول الله [تبارك وتعالى]⁣(⁣٣) فإنما أراد بالعضد: الود⁣(⁣٤) المشاور في المبثوث من جميع الأسرار الظاهرة والباطنة، والمحبوب في السر والعلانية، المعتقدة ولايته، الجائزة عند الله مناكحته وأكل ذبيحته، وقبول شهادته، والاعتماد على قوله، والركون إلى مصافاته، فهذا العضد؛ فمن لم يكن عند صاحبه على هذه الحال على حقيقة الفعل والمقال؛ فليس له بعضد ولا كرامة له، ولا ينتظمه هذا الاسم أبداً، ولا يجوز له أصلاً.


(١) زيادة من (هـ).

(٢) في (هـ): بأحسن.

(٣) في (هـ): سبحانه.

(٤) الود من غير ميم مثلث الواو: المحب. قاموس من هامش (أ، د). وفي (هـ): الودّ والمشاورة.