مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

مسألة من مسائل النباعي

صفحة 713 - الجزء 1

  خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}⁣[الأعراف: ٣٢]، ومعناها: ويوم القيامة، وقال في كتابه: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ٩٣}⁣[المائدة]، فلم يجعل الله سبحانه على المؤمنين حرجاً في شيء مما رزقهم، إذا أخذوه على ما جعل لهم وأمرهم به؛ فساروا فيه بطاعة الله، ولم يتعدوا إلى شيء مما يسخط الله؛ لأن الله ø - أيها السائل - لم يجعل ما في هذه الدنيا من خيرها ومراكبها التي خلقها لشرار أهلها، ولا لمن عند عن طاعة خالقها، وإنما جعلها الله للصالحين ولعباده المتقين، يأمرون فيها بأمره، وينهون [فيها]⁣(⁣١) عن نهيه، ويقيمون⁣(⁣٢) أحكامه فيها، منفذون لأمره عليها، فللطاعة والمطيعين خلقها رب العالمين، ثم أمرهم ونهاهم وبصرهم غيهم وهداهم، وجعل لهم الاستطاعة إلى طاعة مولاهم، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ٤٢}⁣[الأنفال].

  وأما⁣(⁣٣) معنى الآية وقول الله: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} فتبكيت منه سبحانه لأهل النار، وتوقيف على تفريطهم في طاعة ربهم، ومعنى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ} أي: تركتم ومحقتم وعطلتم ما جعل الله لكم بالطاعة من النعيم المقيم والخلد مع المتقين في الثواب الكريم بارتكابكم للمعاصي، وترككم للطاعة، حتى خرجتم مما جعل الله للمطيعين وصرتم إلى حكم الفسقة الكافرين في عذاب مهين، فهذا معنى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ}.

  تم والحمد لله حمداً كثيراً، وصلواته على محمد وآله الذين طهرهم من الرجس تطهيراً


(١) (فيها) سقط من (ب، هـ).

(٢) في (أ، د): مقيمون.

(٣) في (ب، هـ): وإنما.