جواب مسائل لابنه المرتضى @
  وهو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أحبر الأحبار وأفضلها.
  وإنما أراد بقوله ÷: «إن الله يبغض الحبر السمين» يعني: الذي قد سمن من أكل الرشا والحرام.
  وكذلك روي عنه # أنه قال: «إن الله يبغض البيت اللحم» فتأول ذلك من لا فهم له أنه البيت الذي يؤكل فيه اللحم كل يوم دائماً، وهذا باطل من التأويل، كيف يقول ذلك في اللحم وهو يفضله ويقول: «أفضل إدامكم اللحم» وكان يشتهيه ويأكله إذا وجده، وإنما أراد بقوله ذلك: البيت الذي يؤكل المسلمون فيه، معنى يؤكل فيه: يوقع فيهم، ويُطعن عليهم، ويؤذون فيه؛ ألا تسمع كيف يقول الله سبحانه: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}[الحجرات: ١٢].
  وقد روي عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أنه لما رجم ماعز(١) بن مالك الأسلمي حين أقر بالزنا، فسمع عند منصرفه الزبير(٢) يقول لطلحة(٣): «انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه
(١) ماعز بن مالك الأسلمي: قال في جامع الأصول: معدود في المدنيين، وهو الذي رجمه النبي ÷. روى عنه: ابنه عبدالله بن ماعز حديثاً واحداً. وماعز بكسر العين المهملة وبالزاي. (لوامع الأنوار ج ٣).
(٢) الزبير بن العوام الأسدي، أمه صفية بنت عبد المطلب، عمة النبي ÷، أسلم بعد أبي بكر، ثم هاجر الهجرتين، وشهد المشاهد كلها. وحضر حرب الجمل، ولما ذكَّره علي # الحديث: «إنك ستقاتله وأنت له ظالم» انصرف، فلحقه ابن جرموز فقتله؛ ثم جاء برأسه وسيفه إلى علي #، فقال علي #: بشر قاتل ابن صفية بالنار. وكانت حرب الجمل سنة ست وثلاثين، وللزبير سبع وستون. روى عنه ابناه: عبد الله وعروة. أخرج له: أبو طالب، والجرجاني، والجماعة. قلت: وقد كان كما قال أمير المؤمنين #: (ما زال الزبير رجلاً منا أهل البيت، حتى نشأ ابنه المشؤوم عبد الله)، أو كما قال. قال له أبو الأسود الدؤلي لما قدم البصرة: يا أبا عبد الله، عهد الناس بك وأنت يوم بُويع أبو بكر آخذ بقائم سيفك، تقول: لا أحد أولى بهذا الأمر من ابن أبي طالب؛ وأين هذا المقام من ذاك؟! اهـ (من لوامع الأنوار باختصار).
(٣) طلحة بن عبيد الله، أبو محمد القرشي التيمي، كان من السابقين في الإسلام والهجرة، وشهد المشاهد غير بدر، واشتهر عند المؤرخين أن راميه يوم الجمل مروان بن الحكم. ويقال: إن علياً # دعاه عند القتال فذكّره بعض سوابقه، فاعتزل القتال، فأصابه السهم بعد أن اعتزل، سنة ست وثلاثين؛ وروى توبته عن الخروج على أمير المؤمنين الحاكم في العيون، وغيره؛ والله أعلم. خرَّج له: أئمتنا الثلاثة، =