مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

عهد الإمام الهادي # لعماله

صفحة 737 - الجزء 1

  حتى يكتفي من لا مُتَعَدّ⁣(⁣١) له، وتنفقوا من ذلك مار الطريق وابن السبيل، ثم تضموا الثلاثة الأرباع الباقية حتى تصيروا بها إلينا إن شاء الله فنصرفها حيث أمر الله.

  وآمركم أن لا تنزلوا على أحد ولا تقبلوا له هدية ولا تكلفوهم مؤنة، وانزلوا في منازل بالكراء، واستنفقوا من أموال الله بالمعروف، فقد أخرجت ما في رقبتي، وأعذرت وأنذرت إليكم، والله الشاهد سبحانه عليكم.

  وكذلك من وجدتم من أهل الذمة فخذوا منه ما أوجب الله في رؤوسهم مما حقن به دماءهم في⁣(⁣٢) الجزية، وهي: اثنا عشر درهماً على فقرائهم، وهم الذين يملكون أربعة دنانير فصاعداً، ومن لم يملك شيئاً فلا شيء عليه، وعلى أوساطهم أربعة وعشرون درهماً قفلة، وعلى ملوكهم الذين يملكون ألف دينار فما فوقه ناضاً⁣(⁣٣) أو قيمة ثلاثة آلاف عرضاً ثمانية وأربعون درهماً قفلة.

  ولا تأخذوا شيئاً مما أمرتكم بأخذه إلا بأحسن الأمر وأرفقه، ثم تجمعون من قِبَلكم من أهل الذمة فتخبرونهم أن الله تبارك وتعالى لم يجعل على ذمي في ماله صدقة؛ لأن الصدقة ممن أخذت منه تطهرة، وأنه ليس على ذمي في شيء من الزرع ولا الفواكه ولا الذهب ولا الفضة ولا المواشي، ولا شيء مما يؤخذ منه من المسلمين زكاة قليل ولا كثير، وأنهم قد شغلوا أرض الله وأمواله عن العشر، وأنه لا يجوز لنا ترك ذلك في أيديهم، فتخيرونهم: فإن أحبوا أن يبيعوا ما اشتروا من المسلمين هم وآباؤهم وأجدادهم حتى ترجع أموال الله إلى العشر الذي جعله الله على المسلمين معونة للإسلام وأهله فيفعلوا، وإن أحبوا أن يقيموا


(١) أي: شيء يتعدى إليه غيره كما تفهمه عبارة الهادي # في الأحكام في الزكاة وبيع المدبر.

(٢) في (أ) (من) ولعلها الصواب.

(٣) ناضاً، النض: الدرهم الصامت، والناض من المتاع ما تحول ورقاً أو عيناً. الأصمعي: اسم الدراهم والدنانير عند أهل الحجاز: الناض والنض، وإنما يسمونه ناضاً إذا تحول عيناً بعدما كان متاعاً؛ لأنه يقال: ما نض بيدي منه شيء. (لسان العرب).