[معنى الإرادة من الله في خلقه]
  يعبد(١) المعبودات من الجماد، وذلك أن الجماد هو كما قال إبراهيم ﷺ لأبيه: {لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا ٤٢}[مريم]، فضرر عبادة الصنم لا يعدو صاحبه، وهو مأخوذ بفعله معاقَب على عمله، وضرر عبادة شياطين الإنس والجن على عابده وعلى الإسلام والمسلمين، وذلك أن الصنم جماد، والجماد لا يفتق ولا يرتق، ولا يأمر ولا ينهى، وشيطان الإنس يأمر من تبعه وأطاعه بقتل المسلمين، وهتك حرمتهم، وأخذ أموالهم، ويأمرهم بالفسق والفجور، والقول على الله بالزور والبهتان، وبطاعة إبليس اللعين.
[معنى الإرادة من الله في خلقه]
  قال يحيى بن الحسين ~: الإرادة من الله ø في خلقه على معنيين:
  إرادة حتم وجبر وقسر: وهي إرادة الله ø في خلق السموات والأرض وما بينهما من الخلق من الملائكة والجن والإنس والطير والدواب وغير ذلك - إرادة حتم وجبر، فجاء خلقه كما أراد، لم يمتنع منه شيء، ولم يغلبه شيء من الأشياء كما قال ø: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ}[الملك: ٣]، وقال: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ١١}[فصلت]، يقول: كوَّنهما فكانتا من غير مخاطبة ولا أمر، وذلك أن الله ø لم يخاطب أحداً من خلقه إلا ذوي العقول من الملائكة والجن والإنس، وسائر خلقه حيوان لا عقول لها، وجماد لا روح فيه، وإنما خاطب الله ø أهل العقول، وأمرهم ونهاهم، وأرسل إليهم الرسل،
(١) هكذا في كل ما لدينا من النسخ، ويعني: أنه لا يطيع المعبودات من الجمادات وغيرها لأنها لا تأمر ولا تنهى. وفي هذا إشارة إلى المعنى الثاني من معاني العبادة وهو: عبادة الأصنام، وأما المعنى الثالث فهو عبادة الله تعالى. والله أعلم.