[مباحث عدة في أصول الدين وغيرها]
  استحبوا هم لأنفسهم، ثم قال: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}[الحشر: ٩]، وقال: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة: ٥٤]، وقال: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا}[الأنفال: ٦٧]، {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}[التوبة: ٣٢]، {يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ}[النساء: ٩١].
  ثم قال سبحانه: {وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ}[التوبة: ٤٢]، فرد عليهم رب العالمين: {يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ٤٢}[التوبة]، فبين ø أنهم قادرون على الخروج مع الرسول ÷، وفي هذا القرآن من هذا النحو كثير.
  ثم قال الله ø: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}[القصص: ٥٦]، لولا أن محمداً ÷ يقدر [على(١)] أن يحب لم يقل له ربه: {مَنْ أَحْبَبْتَ} ثم قال: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[القصص: ٥٦].
  وقال: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}[السجدة: ١٣]، وقال: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ٩٩}[يونس]، وقال: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً}[هود: ١١٨]، وقال: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى}[الأنعام: ٣٥]، وقال: {فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ١٤٩}[الأنعام]، يعني ø في هذه الآيات كلها وما أشبهها: أنه سبحانه لو شاء أن يجبرهم على الإيمان والهدى مشيئة حتم وجبر، ويقسرهم عليه لأمكنه ذلك، وما قدر واحد من خلقه أن يخرج مما حتم [الله(٢)] عليه وجبره وقسره؛ إذ كان محمد يعجز عن قسرهم على الإيمان، فقال له ربه: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ}[آل عمران: ٢٠]، فقد أبلغت وأديت ونصحت، وعرفتهم بما ينفعهم، {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ٣}[الشعراء]، فتريد أن تقتل نفسك: {إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ٦}[الكهف]، يقول: حزناً عليهم وشفقة، فذرهم {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ
(١) ساقط من (ب، هـ).
(٢) زيادة من (ب).