مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[مباحث عدة في أصول الدين وغيرها]

صفحة 75 - الجزء 1

  استحبوا هم لأنفسهم، ثم قال: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}⁣[الحشر: ٩]، وقال: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}⁣[المائدة: ٥٤]، وقال: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا}⁣[الأنفال: ٦٧]، {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}⁣[التوبة: ٣٢]، {يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ}⁣[النساء: ٩١].

  ثم قال سبحانه: {وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ}⁣[التوبة: ٤٢]، فرد عليهم رب العالمين: {يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ٤٢}⁣[التوبة]، فبين ø أنهم قادرون على الخروج مع الرسول ÷، وفي هذا القرآن من هذا النحو كثير.

  ثم قال الله ø: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}⁣[القصص: ٥٦]، لولا أن محمداً ÷ يقدر [على⁣(⁣١)] أن يحب لم يقل له ربه: {مَنْ أَحْبَبْتَ} ثم قال: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}⁣[القصص: ٥٦].

  وقال: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}⁣[السجدة: ١٣]، وقال: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ٩٩}⁣[يونس]، وقال: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً}⁣[هود: ١١٨]، وقال: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى}⁣[الأنعام: ٣٥]، وقال: {فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ١٤٩}⁣[الأنعام]، يعني ø في هذه الآيات كلها وما أشبهها: أنه سبحانه لو شاء أن يجبرهم على الإيمان والهدى مشيئة حتم وجبر، ويقسرهم عليه لأمكنه ذلك، وما قدر واحد من خلقه أن يخرج مما حتم [الله⁣(⁣٢)] عليه وجبره وقسره؛ إذ كان محمد يعجز عن قسرهم على الإيمان، فقال له ربه: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ}⁣[آل عمران: ٢٠]، فقد أبلغت وأديت ونصحت، وعرفتهم بما ينفعهم، {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ٣}⁣[الشعراء]، فتريد أن تقتل نفسك: {إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ٦}⁣[الكهف]، يقول: حزناً عليهم وشفقة، فذرهم {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ


(١) ساقط من (ب، هـ).

(٢) زيادة من (ب).