مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[معنى الإذن في كتاب الله]

صفحة 76 - الجزء 1

  فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ١٢٧}⁣[النحل]، فقال: مما يمكرون، ولولا أنهم يقدرون على المكر والخديعة والمعصية ما قال: يمكرون.

  ثم قال في أهل الجنة: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}⁣[الأحقاف: ١٩]، {وَحُورٌ عِينٌ ٢٢ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ٢٣ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٢٤}⁣[الواقعة].

  ثم قال في أهل النار: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ٩٣}⁣[الأنعام]، وقال: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ٢٨}⁣[فصلت]، و {يَصْنَعُونَ}، و {يَمْكُرُونَ}، و {يَسْتَهْزِئُونَ}، و {يَسْخَرُونَ}، و {يَخْدَعُونَ}، [و {يَفْسُقُونَ}⁣(⁣١)]، و {يَكْذِبُونَ}، و {يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ}⁣[البقرة: ٦١]، و {يَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٢١}⁣[آل عمران]، كل هذا اختيار من أنفسهم.

[معنى الإذن في كتاب الله]

  قال يحيى بن الحسين ~: الإذن في كتاب الله على وجهين: علم وأمر.

  [الإذن الأول: إذن علم] قال الله ø: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}⁣[التغابن: ١١]، يقول: بعلم الله، ويقول: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}⁣[البقرة: ١٠٢]، يقول: بعلم الله، ويقول: {فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ}⁣[الأنبياء: ١٠٩]، يقول: أعلمتكم، وقال: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}⁣[البقرة: ٢٧٩]، يقول: اعلموا أنكم إن لم تقلعوا من الربا صرتم حرباً لله ولرسوله.

  والإذن الثاني: إذن أمر، قال الله ø: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}⁣[يونس: ١٠٠]، يقول: بأمر الله، لولا أن الله أمرها بالإيمان لم تؤمن، ولكن جعل في الإنسان العقل ثم أمره بالإيمان فآمن بإذن الله وأمره.


(١) زيادة من (ب، هـ).