مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[معنى الكفر في كتاب الله]

صفحة 77 - الجزء 1

[معنى الكفر في كتاب الله]

  قال يحيى بن الحسين ~: الكفر في كتاب الله على معنيين:

  أحدهما: كفر جحود وإنكار وتعطيل، وذلك قول الله سبحانه يحكي عن قوم من خلقه: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ}⁣[الجاثية: ٢٤]، فهؤلاء الدهريون المعطلون، الزنادقة الملحدون.

  والكفر الثاني: كفر النعمة، وذلك قوله سبحانه: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ٧}⁣[إبراهيم]، يقول: حكم الله لشاكر النعمة بالزيادة، ولكافر النعمة بالعذاب الأليم.

  ثم قال: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ٤٤}⁣[المائدة]، والكافر: فهو كل من ارتكب معاصي الله خالف أمره وضادّ حكمه، فهو كافر لنعم الله معاند لله، تجب البراءة منه والمعاداة له، كما قال الله سبحانه: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}⁣[المجادلة: ٢٢]، فحرم الله [ø(⁣١)] موادة من كان لله عاصياً وله معانداً.

[معاني الشرك في الكتاب والسنة]

  قال يحيى بن الحسين ~: الشرك في كتاب الله على وجوه:

  قال الله ø: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}⁣[التوبة: ٥]، فالمشرك: من عبد مع الله غيره كائناً ما كان، من الجمادات والحيوان، فالجماد مثل ما كان المشركون يعبدون في الجاهلية من الأصنام، من حجر أو عود أو نجم، ويقولون إذا سئلوا عن عبادتهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}⁣[الزمر: ٣]، وقوم منهم على وجه التقليد يقولون: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ٢٣}⁣[الزخرف].


(١) زيادة من (هـ).