[مباحث عدة في أصول الدين وغيرها]
  طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا}[الأنعام: ١٤٥]، فجعلها مثل الدم المسفوح ولحم الخنزير، وقال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ}[الأعراف: ٣٣]، فذكر أن الإثم محرم، فلما نزلت الآية على النبي ÷ في تحريم الخمر كان قوم من أصحابه يشربونه قبل التحريم فقالوا(١): يا رسول الله فكيف بصلاتنا وإخواننا الذين كانوا يشربون الخمر حتى ماتوا؟ فأنزل الله على رسوله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا}[المائدة: ٩٣]، يقول: ليس عليهم جناح فيما شربوا قبل التحريم إذا تركوه من اليوم وأقلعوا منه، فكانت هذه الآية إلى آخرها معذرة للماضين، وحجة على الباقين.
  وقال النبي ÷: «حقيق على الله من ملأ جوفه في هذه الدنيا خمراً أن يملأه الله يوم القيامة جمراً إلا من تاب وآمن»، وقال النبي ÷: «جُمِعَت الشرور في بيت ثم كان مفتاحه الخمر».
  وأما قوله سبحانه: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}[النساء: ٤٣]، يعني: سكر النوم، وذلك أن قوماً من أصحاب النبي ÷ كانوا يصلون مع النبي ÷ صلاة العشاء(٢) ثم يجلسون ينتظرون العَتَمة، فإذا جاءت العتمة قام النبي ÷ يصلي بهم فيقومون وراءه وليس هم يدرون ما يقول النبي ÷ مما بهم من الغلبة والسكر والنوم(٣)، فنهاهم الله عن الصلاة وهم في ذلك حتى يعلموا ما يقولون؛ لأن الله ø لم يحل لأحد من خلقه خمراً قط.
(١) في (ب، هـ): قالوا.
(٢) في (ب): المغرب. ولعلها أولى، أو يكون المراد العشاء الأولى.
(٣) في (ب): والسكر من النوم. ولعله الصواب.