[في أحكام الزكاة]
  وجل لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}[التوبة: ١٠٣]، ثم أمر خلقه أن يدفعوا إليه، فقال: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا}[الأنعام: ١٤١]، يقول: لا تدفعوا إلى غير المحق، فإذا عدمت الرعية هذا الإمام، ولم يوجد على ظاهر الدنيا في شرقها وغربها وجب عليهم أن يقسموها بين خمسة أصناف من المسلمين، بين: الفقراء، والمساكين، وابن السبيل، والغارم، وفي الرقاب، ويتركوا الثلاثة: العاملين عليها وهم: الذين يقبضون الزكاة من الرعية لإمام المسلمين، والمؤلفة قلوبهم وهم: الذين لا يلحقون إمام المسلمين إلا بشيء يعطيهم ولا غناء للإمام عنهم يتألفهم بهذه الزكاة، وفي سبيل الله فالسبيل: هو القتل والقتال وصلاح الإسلام والمسلمين.
  فأما الفقير: فهو رجل ليس له مال، وله عولة ومنزل وخادم، فيجب له أن يأخذ من هذه الزكاة ما يقوم به وبعوله.
  والمسكين: فهو الذي يدور ويطلب وليس معه شيء.
  وابن السبيل: مار الطريق يحتاج إلى زاد وكسوة أو كراء.
  وفي الرقاب: رجل يكون له عبد فيكاتبه [عبده(١)] على أنه يدفع إليه شيئاً معروفاً يتراضيان عليه العبد والمولى، فيجب على صاحب الزكاة أن يعين هذا العبد على فك رقبته، وذلك قول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}[النور: ٣٣]، ثم قال لأصحاب الزكاة: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}[النور: ٣٣]، فأمرهم أن يغيثوا المكاتبين من أموال الله التي آتاهم، فلا يجوز لأحد من المسلمين أن يدفع هذه الزكاة إلى هؤلاء المسمين من الفقير والمسكين وابن السبيل والغارم والمكاتب، إلا أن يكونوا عارفين بالله ø وبحدوده وأعدائه وأوليائه،
(١) من (ب).