مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[تفسير الكتاب]

صفحة 89 - الجزء 1

  عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}⁣[هود: ٤٦]، فقال نوح: {رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ٤٧}⁣[هود]، فتاب # من ذلك.

  وكذلك يوسف صلى الله عليه عندما أخذ أخاه على دين الملك، فقال رب العالمين في ذلك: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ}⁣[يوسف: ٧٦].

  وقال موسى عندما قتل القبطي: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي}⁣[القصص: ١٦]، و {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}⁣[القصص: ١٥]، وقال: {فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ٢٠}⁣[الشعراء]، يقول: من الجاهلين لعاقبة أمري.

  وداود # عندما نظر إلى امرأة أوريا فأعجبته، ثم كان يذكرها في نفسه دائماً ويقول: لو دريت أن هذه المرأة على هذه الصفة لتزوجتها قبل أن يتزوجها أوريا، فلما أن بعث الله إليه الملكين اللذين تخاصما إليه وحكم داود بينهما بالحق علم أنه مخطئ في ذلك، فتاب إلى ربه، فتاب الله عليه.

  وكذلك سليمان، ويونس، وأيوب، وجميع الأنبياء À، ما كانت خطاياهم وعصيانهم إلا على وجه الزلل والنسيان، فاعلم ذلك، ولا تنسب إليهم ما لا يليق بهم؛ لأنهم بررة أتقياء أصفياء À.

[تفسير الكتاب]

  قال يحيى بن الحسين ~: تفسير الكتاب في القرآن على وجوه شتى:

  فوجه منها: عِلْم، كما قال الله تبارك وتعالى: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ}⁣[فاطر: ١١]، يقول: في علم الله.

  ويقول: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}⁣[الحديد: ٢٢]، يقول: في علم الله من قبل أن يخلق الأنفس.

  ويقول: {كَتَبَ اللَّهُ} يقول: علم الله {لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي}⁣[المجادلة: ٢١].

  وقال: {وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ٥٩}⁣[الأنعام]، يقول: في علم مبين.