مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[مباحث عدة في أصول الدين وغيرها]

صفحة 91 - الجزء 1

  ø: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}⁣[الأعراف: ١٧٩]، يقول: إنه يعيدهم ويخلقهم يوم القيامة خلقاً ثانياً من خرج من الدنيا عاصياً لجهنم، وإن كان لفظ «ذرأنا» لفظ ماض فمعناه مستقبل - كما قال: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}⁣[الأعراف: ٤٤]، {وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ}⁣[الأعراف: ٤٨]، يقول: إنهم سينادون - لا أنه ø خلقهم للنار في هذه الدنيا، وهو سبحانه يقول خلاف ذلك في كتابه، قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}⁣[الذاريات]، لم يخلق جميع خلقه إلا لعبادته، ولذلك ركب فيهم العقول، وأرسل إليهم الرسول، وأنزل عليهم الكتب؛ {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ٣١}⁣[النجم]، وقال: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}⁣[يونس: ٢٦]، في الكرامة.

  والوجه الثاني من كتاب الله: قوله سبحانه: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} يقول: فرضنا عليهم {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ...} إلى آخر الآية [المائدة: ٤٥].

  والوجه الثالث: قوله ø: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ}⁣[الزمر: ٢]، يعني: القرآن.

  والوجه الرابع: قوله: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}⁣[الأنعام: ١٢]، يقول: أوجب على نفسه الرحمة أنهم إذا تابوا رحمهم، وأوجب لهم على نفسه الرحمة، فالكاتب والمكتوب عليه في هذا الموضع واحد، وهو الله رب العالمين.

  وكذلك قوله: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}⁣[المائدة: ١١٦]، يقول عيسى #: تعلم ما غاب عني من أمري {وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} يقول: لا أعلم ما غاب عني من أمرك.

  وكذلك قوله: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}⁣[البقرة: ١١٥]، وقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}⁣[القصص: ٨٨]، وقوله: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}⁣[القمر: ١٤]، وقوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}⁣[المائدة: ٦٤]، {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ