كتاب الديانة
  وأنه شيء لا كالأشياء، ولا شيء يعدله سبحانه وبحمده، وأنه ليس بجسم ولا جسد، ولا فيه صفة من صفات الأجساد ونعتها وهيئتها، من تأليفها واتصالها، واجتماعها وافتراقها، وكينونة بعضها على بعض، على المجامعة والمفارقة والمباشرة، والدخول والخروج، والقرب في المسافة، والبعد في العزلة والغيبة وطول السفر.
  وأنه لا يحتجب بشيء من خلقه، ولا يستتر به، ولا يبدو له فيدركه، وأن الفكر لا يبلغه، وأن العقول لا تُقَدِّرُه، والأوهام لا تناله، والضمائر لا تمثله، والأبصار لا تدركه، وأن العيون لا تراه [لا](١) في الدنيا ولا في الآخرة، وأن من زعم أن الأبصار تدركه وأن العيون تراه مجاهرة فقد قال قولاً عظيماً، وأن من زعم أن العيون(٢) تكيفه، أو قال: يرى في القيامة بشيء مما عليه العباد فيرونه بذلك الشيء أو يدركونه، وسمى ذلك الشيء - حاش لله - فقد قال إفكاً وزوراً؛ لأن كل من وقعت عليه الرؤية فمحدث، وما مسته الأيدي أو سمعته الآذان(٣) أو أدركه الذوق أو الشم فمحدث، وكذلك كل ما خلقه الله أو يخلقه فلا يدرك به(٤) إلا ما كان محدثاً، وكذلك [كل(٥)] ما [كان(٦)] في قدرته أن يخلقه مما ليس بحكمه(٧) أن يكوِّنه؛ فلو خلقه أو صنعه لم يُدَرك به إلا ما كان محدثاً، والله فهو القديم الدائم، فلا عين تراه، ولا يُدرَك بأداة، إنما يعرف بخلقه، ويستدل عليه بآياته، وتدبيره في سمائه وأرضه، من صغير الخلق وكبيره، وقليله وكثيره.
(١) من (هـ).
(٢) في (أ): العين.
(٣) في (ب): الأذن.
(٤) في (أ، ج): يدركه.
(٥) زيادة من (أ، ج).
(٦) زيادة من (ج).
(٧) في (أ، ب، ج): في حكمه.