مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب تفسير معنى الأعلى

صفحة 126 - الجزء 1

  وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ١٨٧}⁣[الأعراف]، فهو سبحانه يريد أن يقيمها لوقتها، ولم يرد أن يقيمها [في⁣(⁣١)] دون ما جعل من مدتها، وبين يريد وأراد في اللغة واللسان فرق عند جميع أهل اللغة العربية والبيان؛ لأن معنى يريد فهو: سيفعل، لا أنه قد فعل، ومعنى أراد فهو: أمضى وفعل، لا سيفعل، وبين الفعل المستقبل والفعل الماضي فرق في جميع المعاني من القول والإعراب، وغير ذلك من غوامض الأسباب، يعرفه ويعلمه ويقف عليه ذوو الألباب، وليس مَنْ قيل له: إنه يريد أن يفعل كذا وكذا في الحكم كمن قيل له: إنه قد فعل ما به أقدم وعليه اجترى، والحكم عليه من الله ومن رسوله ومن الأئمة الهادين بالقطع والصلب، والقتل والضرب، والحبس والتنكيل، فلا يقع على من يريد عمل ما جعل فيه ذلك ولم يفعله، وإنما يقع ذلك ويجب على من دخل فيه واكتسبه وفعله، وفي أقل من ذلك نور وبرهان، وفرق بين أراد ويريد وفصل وتبيان⁣(⁣٢)، عند كل ذي علم وحجى، وبصيرة ويقين واهتداء. والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله على محمد النبي المصطفى، وعلى من طاب من عترته وزكا.

باب تفسير معنى الأعلى⁣(⁣٣)

  الأعلى: هو العظيم المستعلي على الأشياء بقدرته، القاهر الذي لا يرام لعزته وعظمته، الواحد البائن عن مشابهة شيء من خلقه، وكذلك معنى: «تعالى علواً كبيراً» لا يتوهم الجاهلون أنه مستعل فوق شيء عالٍ، يحيط به ذلك الشيء ويحويه ويحدق به، تعالى عن ذلك وحاشاه، وكيف يكون كذلك، أو يجوز فيه القول بذلك، وهو بكل مكان كما قال سبحانه في واضح الفرقان: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ


(١) ساقط من (أ، ب، هـ).

(٢) في (ب، هـ): وبيان.

(٣) من هنا إلى آخر الجزء الأول من المسترشد ساقط من (ب، هـ).