كتاب المسترشد في التوحيد
كتاب المسترشد في التوحيد
  الجزء الثاني
  
  الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليماً
  باب تفسير قول الله سبحانه: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}
ومعنى مخرج النفس في الله في اللغة والبيان وما يدور بين العرب في قيم اللسان
  قال يحيى بن الحسين ~: إن سأل عن النفس سائل فقال: ما معناها عندكم في الله تبارك وتعالى ربكم؟ وعلامَ يخرج فيها تفسيركم؟ فقد نجد الله تعالى يقول لنبيئه موسى صلى الله عليه: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ٤١}[طه]، ويقول: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}[آل عمران: ٢٨].
  قلنا له: أيها القائل المتحير في أمره السائل، إن الله سبحانه وتعالى عن كل شأن شأنه لم يرد النفس التي تتوهم، وإياها تقصد حين تتكلم، من الأنفس المتنفسة بالروح، المحتاجة إلى الراحة والرَّوح، المستكنة في الأجواف، الجايلة في كل الأعطاف، وكيف يكون ذلك وكل روح أو نفس فمن خلقه كانا، بغير ما شك ولا لبس، ألا تسمع كيف يقول ø: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ٨٥}[الإسراء]، يريد سبحانه من خلق خالقي(١)، وإحداث فاعلي ومحدثي، ولو كان على ما يتوهمه المشبهون، ويقول فيه المبطلون، من أنها نفس [مستجنة(٢)] في شيء، إذاً لقيل إنهما اثنان؛ إذ النفس والشيء شيئان، ولو كانت نفساً مستجنَّة في شيء لكانت النفس خلافاً لذلك الشيء، وللزم ذلك الشيء العدد والتحديد، والتحرك والتحرف والانحدار والتصعيد، فتبارك من ليس كذلك، ولا على شيء من ذلك، بل هو الله الواحد
(١) في هامش (أ، د): يعني من أمر ربي.
(٢) زيادة من (ب).