[ذكر صفات الفعل]
  وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}[المجادلة: ٧]، ومن خلا منه مكان فقد حواه مكان، ومن حواه مكان فقد حد بالنواحي والحدود، وخرج بلا شك من صفة المعبود، وصار إلى حد المحدودين، وانتظمه شَبَه المربوبين، فتعالى عن ذلك الله رب العالمين، وتقدس عن مشابهة المخلوقين، فيا ويل المشبهين للرحمن بما خلق وذرأ من الإنسان، أما يسمعوه(١) كيف نفى ذلك عن نفسه فيما نزله من فرقانه ووحيه، فقال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}[الإخلاص]، والأحد: فهو الواحد الذي ليس كمثله أحد.
  والصمد: فهو الغاية والمقصد، الذي ليس من ورائه مقصد.
  والذي لم يلد ولم يولد: فهو الله الذي لم يلد، فيكون ولده له شبيهاً(٢) ومثلاً، ولم يولد فيكون والده له بدأً وأصلاً، بل هو خالق الوالد والأولاد، وفاطر السموات والأرض ذات(٣) المهاد.
  ولم يكن له كفؤاً أحد، والكفو: فهو المثل والنظير، والعديل في الكثير كان أو اليسير، في بعض الأشياء كان أو في كلها، صغيرها وكبيرها.
  والأحد: فهو الواحد الذي ليس معه ثان، فكيف يقولون ويلهم في الله بما لا يعلمون، وقد يرون قوله في نفسه ويسمعون، فهم في قولهم وافترائهم كما قال الله ذو الجلال والجبروت، وذو العزة والعظمة والملكوت، {وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ ٦٢}[النحل]، فنعوذ بالله من الحيرة عن الهدى، ومن التكمُّه في الغي والردى، وحسبي الله العلي الأعلى.
[ذكر صفات الفعل]
  إن سأل سائل مسترشد أو قال متعنت قائل: أتقولون إن الله ذا الجلال والإكرام، وذا القدرة والملكوت والإنعام، لم يزل متفضلاً جواداً كريماً، تواباً
(١) في (ب، هـ): يسمعون.
(٢) في (أ، ب، د، هـ): شبهاً.
(٣) في (ب، هـ): والأرضين ذوات.