مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[شهادتهم لنا في المنزلة بين المنزلتين]

صفحة 177 - الجزء 1

  تبديل لقوله - أخذنا بما أجمعوا عليه من ذلك، فلم ننقض معاني الأخبار كما فعلت المرجئة، وعلمنا أن الله تبارك وتعالى إذا أخبر بشيء كان كما قال، ولا تبديل لذلك ولا نقض، ولا تكذيب ولا نكث، ولا تنسخ أخباره أبداً بشيء، ولا يظهر لنا خبراً ثم يفعل خلافه⁣(⁣١)، ولا يظهر لنا عموم الأخبار في وعده ووعيده ثم يجعلها خاصة من حيث لا نعلم؛ لأن ذلك كله غير جائز على الله، تعالى عما قالت المجبرة والمرجئة علواً كبيراً، فهذا ديننا وحجتنا على من خالفنا في [الوعد و⁣(⁣٢)] الوعيد.

[شهادتهم لنا في المنزلة بين المنزلتين]

  وأما شهادتهم لنا في المنزلة بين المنزلتين، وقولنا: إن أهل الكبائر من أهل الصلاة فسَّاق فجَّار أعداء الله، ظلمة معتدون - فإنهم شهدوا لنا بذلك، فشهدنا بما شهدوا.

  ثم ادعى بعض الخوارج أنهم كفار، وأن فسقهم قد بلغ بهم الكفر والنفاق دون الشرك، ويقال إن الزيدية أو بعضهم يزعمون أن فسقهم قد بلغ بهم الكفر، وادعت المرجئة أنهم مع فسقهم مؤمنون، وخالفهم في ذلك عامة الأصناف، وقالت المعتزلة: هم فساق وفجّار، لا يبلغ بهم فسقهم كفراً ولا شركاً ولا نفاقاً، وكذلك قالت المرجئة والعامة، وقالت المعتزلة أيضاً: لا يجب لهم اسم الإيمان مع الفسوق، وكذلك قالت الخوارج والشيعة الزيدية، فوجدناهم كلهم قد أجمعوا على شهادة واحدة: أنهم فساق فجار معتدون، فأخذنا بما أجمعوا عليه من ذلك، وتركنا ما اختلفوا فيه مما كذّب فيه بعضهم بعضاً، فسميناهم فساقاً فجاراً، وبرأناهم من الكفر والشرك والنفاق؛ إذ كانوا فيه مختلفين، ولم نوجب


(١) في (ب، هـ): بخلافه.

(٢) زيادة من (ب، هـ).