مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب ذكر قدر الله في كتابه

صفحة 183 - الجزء 1

  وقال: {يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ٥٧}⁣[الأنعام]، ولم يقل: إنه يقضي بالباطل.

  وقال: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ}⁣[غافر: ٢٠]، وقال: {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ١٧}⁣[يونس]، [فأخبر أنه لا يقضي في الدنيا ولا في الآخرة إلا بالحق وقال: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ}⁣[البقرة: ٦١](⁣١)] وقال: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٧١}⁣[آل عمران]، وقال: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ١٨}⁣[الأنبياء]، وقال: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ٨١}⁣[الإسراء]، فأخبر أن الحق من عنده ومن قضائه، وأن الباطل من المبطلين، ولا يكون الباطل من عند أصدق الصادقين.

  فبهذه الآيات ونحوها علمنا أنه لا يقضي بالباطل إلا المبطلون، ولا بالجور إلا الجائرون، تعالى الله عن ذلك رب العالمين.

باب ذكر قدر الله في كتابه

  قال الله ø: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ٣٨ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ٣٩}⁣[يس]، وقال: {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ}⁣[الواقعة: ٦٠]، وقال: {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ}⁣[الفجر: ١٦]، وقال: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ٣٨}⁣[الأحزاب]، وإنما أمر بالطاعة ولم يأمر بالمعصية، وأَمْرُهُ بها قضاؤه وقدره، والطاعة منسوبة إلى قضائه وقدره؛ لأنه أمر بها، والمعصية منسوبة إلى العصاة؛ لأنهم ارتكبوها بعدما نهاهم عنها.

  وإنما ذكر الله القدر في خلقه وصنعه وتدبيره وأمره ومصالح عباده في دينهم


(١) زيادة من (ب، هـ).