مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب ذكر الاستطاعة

صفحة 191 - الجزء 1

  يَتَّخِذَ وَلَدًا ٩٢}⁣[مريم]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}⁣[النور: ١١]، فبين تبارك وتعالى الذين جاءوا بالإفك [وقالوا]⁣(⁣١) وادعوا الولد على الله ø، ثم تبرأ من ذلك ونفاه عن نفسه، وقال: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ٩٢}⁣[مريم]، فأخبر أنه لم يتخذ ذلك لنفسه، فلو كان خلق مقالتهم وفعلهم كان هو الذي جاء بها وقالها، ومن وصف الله بهذا لزمه أن يزعم أن الله اتخذ الولد، تعالى عن ذلك علواً كبيراً.

  وكل⁣(⁣٢) ما قلنا: لم يخلقه الله فإنما نعني لم يفعله، فلا يتوهم أحد علينا غير ذلك.

  فبهذه الآيات ونحوها علمنا أن الله لم يخلق أعمال العباد، ولم يفعلها، ولم يشاركهم فيها، تعالى من ليس له شريك، وليس⁣(⁣٣) كمثله شيء.

باب ذكر الاستطاعة

  وذكر الله الاستطاعة وتكليف ما لا يطاق وما خلقه من ذلك فقال سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}⁣[البقرة: ٢٨٦]، وقال: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ٧}⁣[الطلاق]، وقال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ٩٧}⁣[آل عمران]، فأوجب الحج على من استطاعه، ووضعه عمن لا يستطيعه. وقال: {وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ٤٢}⁣[التوبة]، فأخبر أنهم يستطيعون الخروج ولكن لا يفعلون.


(١) زيادة من (هـ).

(٢) في (ب، هـ): فكل.

(٣) في (ب): ومن ليس.