مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب ذكر الأطفال

صفحة 193 - الجزء 1

  أنه أعطاهم القوة على الأخذ لم يأمرهم بذلك، ومثله: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ٢٦}⁣[القصص]، فأثبتت⁣(⁣١) له القوة والأمانة فلم ينكر عليها أبوها، ولم يكذبها ربها.

  فبهذه الآيات ونحوها علمنا أن الله [تعالى⁣(⁣٢)] لا يكلف أحداً من خلقه ما لا يطيق، وأنه قد قوى عباده على ما أمرهم به من طاعته، وبتلك القوة التي جعلها فيهم لطاعته يصير من صار منهم إلى معصيته، وبذلك علمنا أن الاستطاعة قبل الفعل.

باب ذكر الأطفال

  وذكر الله في كتابه آيات دل فيها أنه لا يعذب الأطفال والمجانين ولا من ليس له ذنب فقال ø: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ١٥}⁣[الإسراء]، والأطفال لم يأتهم رسول، وكذلك المجانين. وقال: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا}⁣[طه: ١٣٤]، فأخبر أنه لا يعذب أحداً بذنب غيره. وقال: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ٥٩}⁣[القصص]، والأطفال فلم يأتهم رسول ولا تلي عليهم كتاب وليسوا ظالمين. وقال: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ١٣١}⁣[الأنعام]، ولا غفلة أشد من غفلة الأطفال والمجانين.

  فإن زعم زاعم أن الله يؤاخذهم بما علم منهم فقد كذَّب الله في خبره، وجوَّره في حكمه؛ لأنه لو رد أهل النار إلى الدنيا لعادوا كما قال ø، فلم يؤاخذهم بما علم منهم إذ لم يفعلوه.

  وقال: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ}⁣[الشورى: ٢٧]، فقد علم


(١) في (ب): فأثبت.

(٢) زيادة من (ب).