باب ذكر القيام بالقسط
  يفرق بينهم وبين نسائهم، ولا تؤخذ منهم الجزية.
  فبهذه الآيات ونحوها التي تلونا والأحكام التي وصفنا والوعيد الذي ذكرنا - علمنا أن أصحاب الكبائر ليسوا بكفار ولا مشركين ولا منافقين، وأنهم ليسوا بأبرار ولا فضلاء ولا أخيار ولا أزكياء ولا أطهار ولا عدلاء، ومن كان هكذا لم يطلق له اسم الإيمان ولا الإسلام ولا اسم الهدى والتقوى والإحسان؛ لأنه قد غلب عليهم اسم الفسق والفجور والظلم والعدوان والضلال، فكانوا أهل منزلة بين منزلتين وهي منزلة الفساق والفجار(١) التي بين منزلة المؤمنين والكافرين في هذه الدنيا، وفي هذا تكذيب أهل البدع من الخوارج والمرجئة فنحمد الله ربنا على الإحسان إلينا.
  قالت الزيدية: إن الله ø حرم ذبائح اليهود والنصارى لقول الله سبحانه: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ}[الأنعام: ١٢١]، فالنصارى واليهود يذكرون على ذبائحهم الذي ولد عزير أو المسيح، وقال الله ø في تحريم تزويج اليهوديات والنصرانيات: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ .....}[كما قال](٢): {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا}[البقرة: ٢٢١]، أجمع المسلمون أنه لا يحل لامرأة مؤمنة أن تزوج رجلاً يهودياً ولا نصرانياً فالحكم في الرجال والنساء واحد لقول رسول الله ÷: «لا يتوارث أهل ملتين مختلفتين»، وإجماع الأمة أن امرأة يهودية إذا ماتت وخلفت زوجها هذا المسلم أو مات زوجها أنه ليس بينهما موارثة فافهم ذلك إن شاء الله.
باب ذكر القيام بالقسط
  وذكر الله تبارك وتعالى القيام بالقسط في كتابه فقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ١}[الأنفال]، وقال:
(١) الفجار: ساقطة من (ب، هـ).
(٢) زيادة من (هـ).