مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[العدل والحكمة]

صفحة 223 - الجزء 1

  فمحدود ضعيف [ذليل⁣(⁣١)]، محتاج [محوي⁣(⁣٢)] محاط به، له كل وبعض، ولون وطعم ورائحة ومحسّة، وفوق وتحت ويمين وشمال وخلف وأمام.

  وأن الله لا يوصف بشيء من صفات المخلوقين؛ لأنه غني قديم، وهكذا قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}⁣[الشورى]؛ لأن الله تبارك وتعالى ليس بشخص فتجاهره الأبصار، ولا هو صوت فتوعيه الأسماع، ولا رائحة فتشمه المشام، ولا حار ولا بارد فتذوقه اللهوات، ولا لين ولا خشن فتلمسه الأيدي؛ لأن الله سبحانه خلق الأيدي وما لمست، وخلق الأبصار وما جاهرت والأسماع وما وعت، والمشام وما شمت، واللهوات وما ذاقت، فهذه الخمس الحواس المدركات كلها مخلوقات مجعولات محدثات، ليس فيها شيء يشبه الله، ولا الله ø يشبه شيئاً منها؛ ولذلك قال تبارك وتعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٠٣}⁣[الأنعام]؛ لأن ما وقع عليه البصر فمحدود ضعيف، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

[العدل والحكمة]

  وندين بأن الله ø عدل في قضائه، جواد في عطائه، رحيم بعباده ناظر لخلقه، لا يكلفهم ما لا يطيقون، ولا يسألهم ما لا يجدون، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ٤٠}⁣[النساء]، وأنه لم يخلق الظلم ولا الجور و [لا]⁣(⁣٣) الكفر في العباد، ولم يرد الظلم والفساد، ولا الجهر بالسوء من القول، وأنه لا يشاء قتل أوليائه ولا تكذيب رسله، ولا يقضي ولا يقدر شتم نفسه ولا الفرية عليه، وأن من فعل ذلك أو أراد معه الصاحبة والولد فغير حكيم ولا عليم.

  وأن الله رحمن رحيم حكيم عليم لا يجوز عليه العبث فكيف يمنع عباده من


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، هـ).

(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، هـ).

(٣) زيادة من (ب).