مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[صدق الوعد والوعيد]

صفحة 224 - الجزء 1

  الإيمان ثم يقول في كتابه: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا}⁣[الإسراء: ٩٤]، {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}⁣[النساء: ٣٩]، {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٢٠}⁣[الانشقاق].

  أوَيأمرهم بالهدى ويصرفهم عنه ثم يقول: {فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ٣٢}⁣[يونس]؟! ويخلق فيهم الكفر ثم يقول: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ٨٩ تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ٩٠}⁣[مريم]؟! بل نقول: سهّل ربنا لعباده السبيل وأقام لهم الدليل، وأرسل إليهم الرسول، وأنزل عليهم القرآن، وجعل فيه الشفاء والبرهان، أحل فيه الحلال، وحرم فيه الحرام، وأقام الحدود والأحكام، ثم مكنهم مما طوقهم، ثم دعاهم جميعاً إلى الإيمان به، ثم أمرهم ونهاهم، ثم آمنهم من ظلمه، ورغبهم في جزيل ثوابه، ولم يرد منهم غير ما به أمرهم، ولم يزجرهم وينههم عما يريده منهم ويشاؤه؛ لما في ذلك من خلاف الحكمة والرحمة كما قال سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}⁣[الأعراف: ١٨٠]، ويقول: {إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ١١٧}⁣[التوبة]، وقال: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ٣٨ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ٣٩ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ٤٠}⁣[النجم]، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٤٦}⁣[فصلت].

[صدق الوعد والوعيد]

  وندين بأن الله صادق في أخباره كلها، وأنه لا يخلف الميعاد ولا يبدل القول لديه، وأن أهل الكبائر من أهل ملتنا إن لم يتوبوا من ذنوبهم وخرجوا من الدنيا مصرين عليها غير نادمين ولا مستغفرين أنهم من أهل النار خالدون مخلدون، لا يخرجون منها ولا يغيبون عنها، بل يبقون فيها أبداً سرمداً؛ لقوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ١٤}⁣[النساء]، ولقوله: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ١٣ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ ١٥ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ١٦}⁣[الانفطار]، ولقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٢٣}⁣[النور]، والملعون في الآخرة لا يدخل الجنة؛ لأن الآخرة دار جزاء لا