مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[حجج العقل لأهل العدل والتوحيد]

صفحة 312 - الجزء 1

  والنهي، وأسقط جميع ذلك عن المجانين والصبيان الذين لا عقول لهم، فسبحان البر الرحيم بعباده، المنصف لهم المتفضل عليهم بالإحسان، الدال لهم على الإيمان، المبتدئ لهم بالنعمة قبل استحقاقها، المعافي لهم من النقم بعد وجوبها.

  واعلم يا بني أن جميع من قص الله عليك نبأه في كتابه من المخاطبين الأنبياء $ فمن دونهم مقرون بالذنوب، معترفون بها، مستغفرون الله سبحانه من جميع ذلك، وفي أقل مما ذكرت أكثر الحجج، وأبلغ الكلام وأجمل الموعظة، وأحسن الهداية عند من عقل وأنصف.

[حجج العقل لأهل العدل والتوحيد]

  ومن أكبر الحجج عليه ما يصح ويثبت عند أهل النهى أنهم زعموا أن جميع ما في الأرض من خير أو شرٍّ الله قضاه وأراده وشاءه وقدره، وفي الأرض من يقول: إن الله ثالث ثلاثة، وإن له ولداً وصاحبة، ومنهم من يقول: إنه لا رب ولا خالق، وإن الأشياء لم تزل كذا: ليل ونهار، وشمس وقمر، وسماء وأرض، ومطر وصحو، وموت وحياة، ومن ينكح أمه وابنته وأخته وعمته، وكل ذي رحم محرم عليه، ويأتي كل قبيح من الفعل رديء⁣(⁣١)، ويغشى الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ويقول: إن ذلك من الله ومن قضائه وإرادته ومشيئته، وإن كل عامل عمل منه شيئاً فبأمر الله ورضاه وإرادته.

  فيا سبحان الله! ما أعجب هذا من قول وأشنعه! وأحمق من زعم أن أحداً ما⁣(⁣٢) يعمل شيئاً مما ذكرنا لله عاص! وما أجهل من ذكر المعصية! كيف تكون المعصية⁣(⁣٣) عندهم؟ ومن صلى ومن زنا كلاهما مطيع لله؛ قضى لهذا بالصلاة وقضى على هذا بالزنا، فكل من عمل شيئاً من الأشياء حسناً [كان⁣(⁣٤)] أو قبيحاً،


(١) (رديء) ساقط من (ب).

(٢) في (ب، هـ): مما. ولعله سهو من الناسخ.

(٣) في (ب، ج، هـ): يكون المعنى. ولعله الصواب

(٤) زيادة من (ب، ج).