[الجواب]
[المسألة العاشرة: هل الأرزاق مقسومة من عند الله؟]
  ثم أتبع ذلك المسألة عن الأرزاق فقال: أخبرونا عن الأرزاق مَنْ قدّرها؟ ومقدرة هي أم غير مقدرة؟ ومقسومة هي أم غير مقسومة؟
  فإن قالوا: نعم هي مقدرة ومقسومة - فقد انتقض قولهم. فقل لهم: فهل يستطيع أحد أن يأخذ إلا رزقه؟ أو يأخذ إلا ما قسم الله له؟ فإن قالوا: لا، فقد انتقض قولهم، وإن قالوا: نعم، فقل: فكيف ذلك؟ فإن قالوا: إن الله خلق الأموال والأطعمة والأشربة فذلك رزقه، وبين لهم حلالها ومأخذها(١)، فإن أخذوها من باب الحلال كانت حلالاً، وإن أخذوها من باب الحرام كانت حراماً. فقل لهم: أفهم يأخذون لأنفسهم ما شاءوا؟ فأيهم شاء أن يكون غنياً مكثراً كان؟ وأيهم شاء أن يكون فقيراً معدماً كان؟
  فإن قالوا: نعم، كذبوا لأن الناس كلهم حريص أن يكون غنياً، وكاره أن يكون فقيراً، وقد قال الله سبحانه خلافاً لقولهم: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ٣٢}[الزخرف]، وقال: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ٧١}[النحل]، في آي كثيرة من كتاب الله سبحانه. تمت مسألته.
[الجواب]
  وأما ما سأل عنه الجاهلون وتوهم في الله المبطلون أن الله الواحد الخلاق حرم على عباده أرزاقاً رزقهم إياها وتفضل عليهم بها، فرزقهم رزقاً وآتاهم، ثم عاقبهم على ما أعطاهم، وأنه لا يأكل أحد ولا يلبس ولا ينتفع إلا بما رزقه الله
(١) في (ب، ج، هـ، و): وبين لهم مأخذها.