مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الجواب]

صفحة 439 - الجزء 1

[الجواب]

  وأما ما سأل عنه من قول الله ø لعيسى بن مريم المسيح العبد الكريم: {وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ١١٠} فقال: هل كانت بنو إسرائيل تقدر على أن تبسط أيديها إليه وقد كفها الله عنه، وأنعم بذلك عليه؟

  فقولنا في ذلك: إن الله لم يكف أيديهم عنه جبراً، ولكنه ألقى في قلوبهم الهيبة له ولمن معه من الحواريين، وأعلم نبيه صلى الله عليه بما يريدون منه وما يريدون فيه، فحذرهم واستعد بمن معه لهم، فخافوهم وحذروهم فلاشى عزيمتهم وأبطل في ذلك إرادتهم، ومنَّ على نبيه صلى الله عليه بما ألقى له وللحق في قلوبهم من الهيبة والمخافة، فرجعوا خائبين ومما أرادوا مؤيسين، وأعز الله سبحانه المؤمنين وكبت الفاسقين.

  فهذا إن شاء الله معنى ما ذكر الله من كف أيديهم عن عيسى بن مريم صلى الله عليه نبيهم، والمظهر للحق فيهم، والمطلق لهم بعض الذي حرم عليهم، المبرئ لأكمههم وأبرصهم، الشافي لسقيمهم، والمحيي لميتهم، والمنبيء لهم عما يأكلون ويدخرون في بيوتهم، وتلك⁣(⁣١) فأعظم آيات ربهم وبراهين خالقهم، فلما عتوا عن أمر خالقهم قال حين ذلك نبيهم : {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ}⁣[آل عمران: ٥٢]، وأعوانك وأنصارك وخدامك، فآمن معه من بني إسرائيل الحواريون، وكفر سائر الإسرائيليين، فأيد الله المؤمنين فأصبحوا كما قال الله: {ظَاهِرِينَ} حين يقول ø: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا


(١) في (ب، ج، هـ، و): وذلك.