[المسألة السابعة والعشرون: معنى قوله تعالى: {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين}]
  الرحمن الرحيم وهو يعلم أن الله ﷻ قد منعه من الخير وأدخله إدخالاً في الشر والضير؟! فلقد إذاً أمرَه بمغالبة ربه، وهجره واعتزله على غير ذنبه.
  ثم يقال لهم: خبرونا وعما نسألكم عنه أجيبونا - هل بعث الله جل ثناؤه نبيه إلى الخلق طراً؛ فإنه يقول: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}[سبأ: ٢٨]، يدعوهم إلى طاعته وينهاهم عن معصيته، أم بعثه إلى بعض ولم يبعثه إلى بعض؟
  فإن قالوا: بعثه إلى الخلق(١) طراً. فقل: فماذا دعاهم إليه؟ فإن قالوا: إلى الثبات على ما هم عليه من الكفر - كفروا.
  وإن قالوا: دعاهم إلى الإيمان. قيل لهم: فهل يقدرون على ذلك من الشأن، وقد جبلوا - على قولكم - على الكفران؟ فإن قالوا: نعم. تركوا قولهم.
  وإن قالوا: لا. جهلوا ربهم ونبيهم؛ إذ زعموا أن الله سبحانه بعث نبيه يدعو إلى الخير والهدى من لا يقدر على الاهتداء، ومن قد حال الله ø بينه وبين التقى، وهذا فأفحش أفعال الظلمة الجهال، وما لا يجوز في الله ذي الجلال، أن يحول بين عبده وبين طاعته، ثم يرسل إليه ويأمره بمرضاته، وقد أخرجه منها وأدخله في ضدها، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
  تم جواب مسألته.
[المسألة السابعة والعشرون: معنى قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}]
  ثم أتبع ذلك المسألة عن قول الله ø: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ١١٨ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}[هود]، فيقال لهم: خبرونا عن هؤلاء الذين قال الله: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ١١٨ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}، هل يستطيعون أن يكونوا على غير ما وصفهم به؟ وأن يتركوا ما خلقهم له؟
(١) في (ب، ج، هـ، و): الناس.