[وجوب شكر المنعم]
كتاب البالغ المدرك
  
  وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم آمين
  قال الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليه وعليهم أفضل الصلاة والتسليم:
[وجوب النظر للعلم بوجود المدبر الحكيم]
  يجب على البالغ المدرك في بلاد الكفر وغيرها أن ينظر إلى هذه الأعاجيب المختلفات المدرَكات بالحواس، من السماء والأرض وما بث فيهما من الحيوان، المجتلبة إلى أنفسها المنافع، النافرة عن المضار - أنها محدثة؛ لظهور الإحداث فيها، معترفة بالعجز على أنفسها، أنها لم تصنع أنفسها، ولم تشاهد صنعتها، وتعجز أن تصنع مثلها، وتعجز أن تصنع ضدها.
  فلما شهدت العقول على أن هذا هكذا، ثبت أن لها مُدَبِّراً حكيماً دبّرها، ومعتمداً اعتمدها، وقاصداً قصدها، ليس له شبيه ولا مثيل؛ إذ المثل جائز عليه ما جاز على مثله، من الانتقال والزوال والعجز، والزيادة والنقصان، وأن بإحداثه إياها له المنة عليها ببقائها(١)؛ إذ كانت الرغبة منها(٢) في البقاء ونفورها عن الفناء دالة على المنة عليها بالبقاء، وأن الممتن عليها ببقائها هو المنعم [عليها](٣) بإحداثه إياها.
[وجوب شكر المنعم]
  فإذا علم البالغ المدرك أن هذا هكذا - كان عليه أن يشكر المنعم عليه، فإذا علم أن شكر المنعم عليه واجب، كان عليه أن يشكر المنعم، وشكر المنعم عليه هو الطاعة له.
(١) في (أ): له المنة عليها. وفي (ب، هـ): له المنة ببقائها.
(٢) في (أ): لها.
(٣) غير موجودة في (أ).