مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الجواب]

صفحة 455 - الجزء 1

  الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ٢٢}⁣[الأنفال]، هل كان هؤلاء الذين ذكر يستطيعون أن يقبلوا الهدى، وأن يسمعوا المنفعة في دينهم؟ فإن قالوا: نعم. فقد كذبوا وجحدوا. وإن قالوا: لا. كان ذلك نقضاً لقولهم.

  تمت مسألته.

[الجواب]

  وأما ما سأل عنه من قول الله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ٢١} فتوهم أنهم كانوا لا يسمعون لصمم جعله الله سبحانه في آذانهم، أو لسبب جعله حاجزاً بين الهدى وبينهم، وليس ذلك والحمد لله كذلك، ولو كان الله فعل ذلك بهم لما عاب صممهم، ولكان أعذر لهم من أنفسهم، ولما بعث إليهم المرسلين، ولا أمرهم باتباع المهتدين.

  وإنما أراد الله سبحانه بذلك حض المؤمنين على الطاعة لرب العالمين، والاستماع لسيد المرسلين، فقال للمؤمنين: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ٢١} يقول: لا تكونوا كالذين قالوا أطعنا بألسنتهم وهم كاذبون في قلوبهم، بل قلوبهم منكرة لذلك، جاحدة [له]⁣(⁣١)، يدارون بالقول خوفاً من المؤمنين والرسول، ويكفرون من ورائه بكل الدين والتنزيل، وهم الذين قال فيهم الرحمن الجليل: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ١٤}⁣[البقرة]، وقال: {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}⁣[الفتح: ١١]، وهم الذين قال الله فيهم من منافقي قريش والأعراب وغيرهم: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ١}⁣[المنافقون]، فنهى المؤمنين عن مشابهة المنافقين، ولم يكن قوله ما قال إخباراً منه


(١) سقط من (ب، ج، هـ).