[الجواب]
[المسألة الثانية والثلاثون: معنى قوله تعالى: {أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ}]
  ثم أتبع ذلك المسألة عن قول الله ø في الإغفال: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ٢٨}[الكهف]، فقال: أخبرونا عن هذا الذي أغفل الله قلبه عن ذكره، هل أراد الله أن يطيعه؟ فإن قالوا: نعم. فقد كذبوا وجحدوا. وإن قالوا: لا. فقد نقض ذلك قولهم.
  تمت مسألته.
[الجواب]
  وأما ما سأل عنه من قول الله سبحانه: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} فقال: خبرونا عن هذا الذي أغفل الله قلبه عن ذكره هل أراد الله أن يطيعه؟ فتوهم - ويله وغوله(١) إن لم يتب من الله ويحه - أن الله تبارك وتعالى أدخله في الغفلة وحال بينه بذلك وبين الطاعة، فليس كما توهم، ألا يسمع إلى قول الله ø: {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ٢٨} فأخبر سبحانه أنه متبع في ذلك لهواه، ضال عن رشده تارك لهداه، ولو كان ذلك من الله لم يكن العبد متبعاً لنفسه هواه، بل كان داخلاً لله فيما شاء وارتضى.
  وسنفسر معنى الآية إن شاء الله والقوة بالله وله: إن الله تبارك وتعالى نهى نبيه عن طاعة من أغفل قلبه ممن آثر هواه على هداه، وأما معنى ما ذكر الله سبحانه من الإغفال فقد يخرج على معنيين والحمد لله شافيين كافيين:
  أحدهما: الخذلان من الله والترك لمن اتبع هواه وآثره على طاعة مولاه، فلما أن عصى وضل وغوى وترك ما دل عليه من الهدى، استوجب من الله الخذلان، لما كان فيه من الضلال والكفران، فغفل وضل وجهل؛ إذ لم يكن معه من الله توفيق ولا إرشاد، فتسربل سربال الغي والفساد.
(١) الغول: كل ما أخذ الإنسان من حيث لا يدري فأهلكه. (معجم وسيط).
(*) - وفي (نخ): عوله.