[المسألة السابعة والثلاثون: في سلطان الشيطان]
  فهذا وما كان مثله مما فضل الله به بعضاً على بعض مما ليس لهم فيه على الله حجة يفعل من ذلك ما يشاء سبحانه ذو الجلال والحكمة {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ٢٣}[الأنبياء].
  وأما قوله: {وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ٢١} يقول: إن إعطاءنا وامتنانا ومجازاتنا لأهل طاعتنا في معادهم وآخرتهم على أعمالهم أكبر درجات وأكبر تفضيلاً على اجتهادهم في مرضاتنا، فمن كثر عمله بالخير كان عند الله في الآخرة أكبر درجات ممن نقص عمله، وذلك قوله سبحانه: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ١٦٠}[الأنعام].
  تم جواب مسألته.
[المسألة السابعة والثلاثون: في سلطان الشيطان]
  ثم أتبع ذلك المسألة عن قول الله تبارك وتعالى لإبليس: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ٤٢}[الحجر]، وقال: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ٩٨ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٩٩ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ١٠٠}[النحل]، وقال إبليس: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ٨٢ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ٨٣}[ص]، فقال: أخبرونا عن هذا السلطان ما هو؟
  فإن قالوا: هو التخييل. فقل: فما أكثر ما لقي منه المؤمنون وأطفالهم. وإن قالوا: هو الدعاء. فقل: فهذا ما لا يدعوا به المؤمن والكافر، والخلق كلهم حتى عرض للأنبياء فدعاهم والتمس فتنتهم فدعاهم كلهم إلى المعصية.
  وإن قالوا: هو التضليل، ولن يصل بذلك إلى عباد الله المؤمنين؛ لأن الله عصمهم وهو الوكيل عليهم، فقد أجابوا، ونقض ذلك قولهم.
  تمت مسألته.