مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الجواب]

صفحة 470 - الجزء 1

[الجواب]

  وأما ما سأل عنه من قول الله ø لإبليس: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ٤٢} ومن قوله: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٩٩ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ١٠٠} وعن قول إبليس حين قال: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ٨٢ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ٨٣} فقال: ما هذا السلطان الذي ليس للشيطان على المؤمنين؟

  فتوهم لجهله وسوء نظره وعلمه أن الله تبارك وتعالى حال بين إبليس وبين بعض العباد حولاً، ومنعه من الوسوسة لهم منعاً، وقسرهم عنه قسراً، وليس ذلك كما قال.

  ألا تسمع إلى ما ذكر الله عن آدم وزوجه وكيف كانت وسوسته لهما حتى أوقعهما فيه، وكذلك اعترض لعيسى بن مريم حتى دحره ولم يطمعه في شيء مما ذكره، ولغيرهما من الأنبياء والمؤمنين، فلو منعه الله من أحد من المؤمنين منعاً وقسره عن الوسوسة له قسراً - لكان ذلك لأبيهم آدم صلى الله عليه، ولكنه سبحانه منعه من ذلك بالنهي له والزجر عما هو عليه من إغوائه، وعاقبه عليه وأعد له النار والعذاب فيه، فقال: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ١١٩}⁣[هود].

  فأما السلطان الذي ذكر الله ø أنه ليس له على المؤمنين في قوله: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ٤٢} فهو ما علم من المؤمنين من طرده ودحره، وترك طاعته في وسوسته وأمره، وأنهم لا يجعلون له عليهم سلطاناً بشيء من الطاعة له من العصيان لربهم، وأنهم لا يزالون مؤثرين لطاعة الرحمن محترسين من الشيطان بتلاوة القرآن، والاعتصام بذي الجلال المنان، فهم أبداً لله مراقبون، وفي طاعته ساعون، وللشيطان اللعين