[الجواب]
[الجواب]
  وأما ما سأل عنه فقال: أخبرونا هل يختص الله برحمته من يشاء من خلقه؟ أم ليست له خاصة؟ فإنا نقول كما قال الله سبحانه: {وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ٢٩}[الحديد]، ثم نقول: إن اختصاص الله برحمته من يشاء من عباده يخرج على معنيين:
  فأما أحدهما: فهو مشيئته أن يزيد المهتدين هدى، ويزيد المؤمنين تقوى، وذلك قوله سبحانه: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}[التغابن: ١١]، وقوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٢٨}[الحديد]، فشاء سبحانه أن يزيد ويختص برحمته من ثابر على طاعته وسارع إلى مرضاته، كما شاء أن يخذل من آثر هواه وأسخط بفعله مولاه.
  وأما المعنى الآخر: فهو ما يختص به من يشاء من السلامة والإغناء وصرف المكاره والبلوى، فتبارك الله الواحد الأعلى، فهذا ومثله معنى اختصاص الله بالرحمة لمن يشاء، لا ما يقول الفاسقون ويذهب إليه الضالون من أن الله تبارك وتعالى يخرج من المعصية عباده قسراً ويدخلهم في طاعته جبراً.
  وأما ما سأل عنه من قول الله سبحانه لنبيه ÷: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ١ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ٢ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ٣} فإنا نقول: إن الشرح من الله لصدره هو توفيقه وتسديده وترغيبه بالهدى وتأييده، وتعليمه ما كان يجهله وتفهيمه، فشرح الله بالإيمان صدره، ورفع بالوحي المنزل قدره. وأما الوزر الذي وضعه الله عن ظهره فهو ما يغفر له من ذنوبه ومن الوزر ما كان منه من الضلال عن الوحي والهدى، فوضعه الله سبحانه عنه بهداه له، ومما خصه الله به من النصرة والزيادة في تقواه، فجعله من بعد أن كان جاهلاً عالماً، ومن بعد أن كان متبِعاً متبَعاً، ومن ذلك ما وضع عنه من وزر الفقر وضرائه، وما امتن به عليه من بعد العيلة وأغناه، كما قال