مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[المسألة التاسعة والثلاثون: في حاجة العباد إلى تأييد الله تعالى]

صفحة 474 - الجزء 1

  صَعُودًا ١٧}⁣[المدثر]، فلما أنعم الله عليه بما ذكر فأبى وأعرض واستكبر وخالف وكفر، وعده الله إرهاق الصعود، وهو: الأمر الصعب الشديد من العذاب في دار الآخرة بالنار وأغلال الحديد، فلما [أن]⁣(⁣١) كان الصعد الذي لا تعرُّض⁣(⁣٢) فيه ولا سهولة في حيله⁣(⁣٣)، وأنه مصعد فيه أبداً، وكان أشد ما يلقى من سلك سبيلاً ماشياً أو راكباً - مثّل الله لهم ما أعد من العذاب والبلاء.

  تم جواب مسألته.

[المسألة التاسعة والثلاثون: في حاجة العباد إلى تأييد الله تعالى]

  ثم أتبع ذلك الحسن بن محمد المسألة عن قول الله سبحانه في التأييد وذلك قوله لعيسى بن مريم: {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}⁣[البقرة: ٨٧]، وقوله للمؤمنين: {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ١٤}⁣[الصف]، في آي كثيرة، فخص الله من يشاء من خلقه من الأنبياء والمؤمنين ألا ترى أن الله ø لم يكلهم إلى ما زعمتم أنه جعل⁣(⁣٤) فيهم من الاستطاعة؟ وهي الحجة زعمتم على جميع خلقه، حتى جاءهم سوى ذلك من أمره، فأيدهم به فظهروا بتأييده، ورعب عدوهم فغلبوا برعبه،


(١) زيادة من (ب، ج).

(٢) قال في لسان العرب: وَقِيلَ: مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُهُ أَي تَعَوَّجَ وزاغَ وَلَمْ يَسْتَقِم كَمَا يَتَعَرَّضُ الرَّجُلُ فِي عُرُوض الجَبل يَمِينًا وَشِمَالًا؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَذْكُرُ الثريَّا:

إِذا مَا الثُّرَيّا فِي السماءِ تَعَرَّضَتْ ... تَعَرُّضَ أَثْناءِ الوِشاحِ المُفَصَّل

أَي: لَمْ تَسْتَقِمْ فِي سَيْرِهَا ومالتْ كالوِشاح المُعَوَّجِ. اهـ وعلى هذا يكون المراد: أنه صعود عمودي كصعود المتسلق، وهو أصعب الصعود؛ لأنه لا يذهب في الجبل عرضاً حتى تخف عليه حدة الارتفاع.

(٣) في (هـ، و): حبله. قال في لسان العرب: والحَيْلة: حِجَارَةٌ تَحدَّرُ مِنْ جَوَانِبِ الْجَبَلِ إِلى أَسفله حَتَّى تَكْثُرَ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ: وَمِنْ كَلَامِهِمْ أَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُ النَّاسَ حَوْلَه كالحَيْلة أَي مُحْدِقين كإِحْداق تِلْكَ الْحِجَارَةِ بِالْجَبَلِ. اهـ فيكون المعنى: أن هذا الجبل وعر المسالك ذو صخرات عظيمة لا يستطيع تجاوزها إلا بمشقة، والله أعلم.

(٤) في (هـ): جعله.