[في استحقاق الأنبياء À للنبوة]
  تثبت وصية الوصي ولا حجة بحقٍّ مُضِي، ولا تثبت إمامة إمام، ولا تجب طاعته على أهل الإسلام، إلا باستحقاق وعلامات، وشرائع ودلالات، وعلَم قائم، ودليل يدل على أنه هو صاحب ذلك المعنى والمتولي لجميع هذه الأشياء.
[في استحقاق الأنبياء À للنبوة]
  فأما استحقاق الأنبياء À للنبوة فهو بالطاعة منهم لله، والاجتهاد منهم في مرضاة الله، والنصح لعباد الله، فإذا علم الله من ضميرهم أنهم إن بعثوا كانوا كذلك، وإن أمروا قاموا لله بذلك - أمرهم سبحانه حينئذ ونهاهم، وبعثهم واجتباهم.
  ثم أبان معهم العَلَم والدليل الذي يدل على أنهم رسل مبعوثون برسالته إلى خلقه، مبشرين ومنذرين، مخوفين لعذابه، ومبشرين بثوابه، هادين إلى طرق سبله، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ٤٢}[الأنفال].
  وعَلَم الأنبياء ودليلها: فهو ما جاءوا به من المعجزات وأظهروه للخلق من العلامات الشاهدات، على أنهن من عند الرحمن، اللواتي لا ينالهن ولا يطيق إيجادهن أحد من الإنسان، مثل ما جاء به موسى # من إدخاله يده في جيبه فخرجت بيضاء من غير سوء، ومثل ما جاء به من انقلاب العصا إلى خلق حية، وغير ذلك من باقي التسع الآيات، وغير ذلك مما كان يأتي به من الدلايل المعجزات والعلامات، ومثل ما جاء به عيسى صلى الله عليه من التكلم في المهدِ، ومن إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص بإذن الله، وغير ذلك من علاماته، مما نكره التطويل بذكرها، وقد يجزي ذكر قليلها عن كثيرها، ومثل ما جاء به محمد ÷ من معجزاته الهائلات، وأموره الناطقات، وأسبابه الشاهدات بالنبوة والرسالات، مثل: مجي الشجرة إليه ورجوعها إلى موضعها، وإنباء الناس بما في صدورهم وإعلامهم بما في ضميرهم، وذلك من أنباء الله له بذلك وإعلامه به إياه، ومثل ما كان من فعله في شاة أم معبد، وما كان منه من الفعل في التمرات