[في استحقاق أوصياء الأنبياء للوصية]
  من غداء جابر بن عبدالله، وذلك أنه أخذ كفاً من تمر فوضعه في وسط ثوب كبير، ثم حركه ودعا فيه فزاد وربا حتى امتلأ الثوب تمراً، وما كان منه في عشاء جابر بن عبدالله صاع من شعير وعناق صغيرة أكل منها ألف رجل، وما كان منه في الوشل(١) الذي ورده هو والمسلمون في غزوة تبوك، فوضع يده تحت الوشل فوشل فيها من الماء ملؤها، ثم ضربه ودعا فيه فانفجر بمثل عنق البعير ماءً، فشرب العسكر كله معاً، وتزودوا ما شاءوا من الماء، وغير ذلك مما نكره التطويل من معجزاته، لأنه مفهوم معروف عند أهل العلم، فكانت هذه المعجزات مع ما ذكرنا من أسباب الاستحقاق من عَلَم النبوءة والدليل على نبوة الأنبياء وبعث الله لهم في البرية تبارك وتعالى.
[في استحقاق أوصياء الأنبياء للوصية]
  وكذلك الأوصياء فلا تثبت للخلائق وصية الأنبياء إليهم إلا بالاستحقاق(٢) لذلك والعَلَم والدليل، فأما الاستحقاق منهم لذلك المقام الذي استوجبوا به من الله العلم والدليل فهو فضلهم على أهل دهرهم، وبيانهم عن جميع أهل ملتهم، بالعلم البارع والدين والورع والاجتهاد في أمر الله.
  وعلَمُهم ودليلهم فهو العلم بغامض علم الأنبياء، والاطلاع على خفي أسرار الرسل، وإحاطتهم بما خص الله به أنبياءه حتى يوجد عندهم من ذلك ما لا يوجد عند غيرهم من أهل دهرهم، فيستدل بذلك على ما خصتهم(٣) به أنبياؤهم، وألقته إليهم من مكنون علمها وعجايب فوائد ما أوحى الله به إليها، مما لا يوجد أبداً عند غير الأوصياء، من ذلك ما كان يوجد عند وصي موسى وعند وصي عيسى @ ما لا يوجد عند غيرهم من أهل دهرهم.
(١) الوَشَل: الماء القليل يتحلب من جبل أو صخرة ولا يتصل قطره. (معجم وسيط).
(٢) في (أ، ب، د، هـ): باستحقاق.
(٣) في (هـ): خصهم.