مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[في استحقاق الأئمة للإمامة]

صفحة 505 - الجزء 1

  ومن ذلك ما وجد عند وصي محمد ÷ علي بن أبي طالب رحمة الله عليه، من ذلك ما أجاب به في مسائل الجاثليق، ومن ذلك ما كان عنده من علم كتاب الجفر، وما كان عنده من علم ما يكون إلى يوم القيامة، مما أطلع الله عليه نبيه وأطلع نبيه وصيه، لم يَعْلَمْه من رسول الله ÷ أحد غيره، ولم يقع عليه سواه، فهذا الذي لم يوجد عند غير الأوصياء من أهل مللهم فهو علَم الأوصياء المبين لها، والدليل الدال بالوصية عليها.

[في استحقاق الأئمة للإمامة]

  وكذلك الأئمة الهادون الداعون إلى الله المرشدون، بانت إمامتهم، وثبت عقدها من الله لهم بخصال الاستحقاق، وبالعلم والدليل الذي بانوا به من غيرهم، وامتازوا به عن مشاركة⁣(⁣١) أهل دهرهم.

  فأما الاستحقاق فهو ولادة الرسول ÷ والعلم والورع والزهد، والدعاء إلى الله، وتجريد السيوف، وخوض الحتوف، وفض الصفوف، ومجاهدة الألوف، ورفع الرايات، ومباينة⁣(⁣٢) الظالمين، وإقامة الحدود على من استوجبها، وأخذ أموال الله من مواضعها، وردها في سبلها التي جعلها الله لها وفيها، مع الرحمة والرأفة بالمؤمنين، والشدة والغلظة على الفاسقين، والشجاعة عند جبن الناس⁣(⁣٣)، والمجاهدة للكافرين والمنافقين فهذا باب الاستحقاق للإمامة.

  والعَلَم والدليل فهو: توفيق الله وتسديده لوليه وتأييده، وإيتاؤه إياه الحكمة {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}⁣[البقرة: ٢٦٩]، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ٢١}⁣[الحديد].

  ودليل ذلك وعَلَمُه الذي يدل على أنه قد آتى وليه الحكمة: ما يظهر من


(١) في (ب، هـ): من مشاكلة.

(٢) في (ب، هـ): ومنابذة.

(٣) في (ب، هـ): عند البأس.