[قصة يونس عليه الصلاة والسلام]
  بلده فأمر الريح فاحتملته من ساعته إلى موضعه وهرب اللعين العفريت لما رآه، وقال بعض الرواة: إنه كان حبسه.
  ورد الله على نبيه ملكه، ورجع إليه ما كان الله قد أعطاه، فدعا الطير والريح والجن فأجابته ودامت نعمته.
  قلت: فالجسد(١) الذي ألقي على كرسيه، هل كان جسماً يظهر ويرى؟
  قال: لا، إنما كان الذي يظهر إليهم منه ما يسمعون من كلامه، وكان مستتراً عنهم، فكانوا يظنون أنه سليمان، وإنما احتجب عنهم لسبب أمر(٢) أمره الله به، أو فعل فعله من نفسه، ولو ظهر لهم لبان أمره عندهم، ولكن تمكن منهم بالتمويه عليهم والمكر لهم.
  قلت: فهل نال من الحُرَم منالاً أو وصل إليهم بسبب من الأسباب؟
  قال: معاذ الله أن يكون نال شيئاً من ذلك أو فعله، غير الذي شرحته لك من كلامه فقط.
[قصة يونس عليه الصلاة والسلام]
  وسألته عن قول الله سبحانه: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ}[الأنبياء: ٨٧]؟
  فقال: أما ذو النون: فهو يونس، والنون: فهو الحوت. وأما قوله: {إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} فإنما كان ذهابه غضباً على قومه، واستعجالاً منه دون أمر ربه، لا كما يقول الجهلة الكاذبون على أنبيائه ورسله À من قولهم: إن يونس خرج مغاضباً لربه، وليس يجوز ذلك على أنبياء الله À، وإنما كان ذلك كما ذكرت لك من غضبه على قومه ومفارقته لهم، واستعجاله دون أمر ربه، وهو قوله لمحمد ÷: {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ ٤٨}[القلم]،
(١) في (ب، هـ): فما الجسد.
(٢) في (ج): ما. وفي (هـ): فإنما احتجب عنهم بسبب أمره الله به.