[قصة أيوب عليه الصلاة والسلام]
  ثم سار إلى القرية الثالثة وكانت أعظمها وأشدها بأساً ومنعة، فدعاهم إلى الله وأعذر إليهم وأنذر وحذر ما حل بإخوانهم فلم يجبه منهم أحد واستعصموا على كفرهم، فسار إليهم وخرجوا إليه فحاربهم فلم يقدر عليهم، فلما كان بعد وقت وعلم الله منه الصبر على ما أمره به من طاعته والإعذار إلى خلقه أمر الله جبريل ~ فطرح بينهم ناراً ثم أرسل الرياح(١) فأذرت النار عليهم وعلى منازلهم ورحالهم فأحرقتهم جميعاً ودمرتهم فهذا ما سألت عنه من خبر يونس #.
[قصة أيوب عليه الصلاة والسلام]
  وسألته عن قول أيوب ~: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ٤١}[ص]؟ فقال: معنى قوله: «مسني» فهو: ما كان من كلامه ووسوسته له، وذلك أن أيوب صلى الله عليه كان قد جعل ضيافة أضيافه إلى امرأته، فأتاه إبليس اللعين، فقال: يا أيوب إن امرأتك قد فضحتك اليوم في أضيافك، فأتاها فقال: ما الذي حملك على أن تفضحيني في أضيافي؟ أقسم لأضربنك مائة ضربة بالعصا.
  فلما هم بالذي أقسم به من ضربها أتاه الملعون إبليس فقال: يا أيوب [يا](٢) سبحان الله أيحل(٣) لك أن تضرب امرأة ضعيفة لم تجرم جرماً ولم تأت قبيحاً، ولم
(١) ينظر ويحقق صحة ذلك عن الهادي # فإن القرآن يمنع من صحة ذلك، فإن الله ø قال: {إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ٩٨}[يونس]، كشف الله عنهم العذاب بعدما تدلى، ولم يكن ذلك لأمة غير أمة يونس بن متى رفع العذاب بعد تدليه كما ذلك مشهور [أي: الخبر أماراته] في كتب التفسير، فاعلم. قيل: يقال ذلك قبل أن يذهب مغاضباً وهذا بعده، ولا منافاة فإن القوم المرفوع عنهم العذاب هم قومه قبل الذهاب ثم بعد الذهاب دعا إلى الله ثانياً فأجاب من أجاب، وتنكب من ارتبك في العذاب، وليس قوله: {إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ} يدل على من أطاعه وأجابه، وقد سلموا من موارد العطب وأمنوا من مهالك النشب وهذا الظاهر فالحمل عليه قدح قامر. (مؤيدي). من هامش (د).
(٢) (يا) في (ب، هـ).
(٣) في (ب، هـ): لا يحل.